المكلّف بين متعلّقيهما في الإتيان وهو غير متعلّق للتكليف.
وقد نبّهنا فلا تنسى أنّ توارد الأمرين على موضوعين متضادّين مع أنّ الوقت الواحد غير وافٍ إلاّبواحد منهما إنّما يقبح لو كان الخطابان شخصيين ، وأمّا الخطاب القانوني الذي يختلف فيه حالات الأشخاص فربّ مكلّف لا يصادف أوّل الزوال إلاّموضوعاً واحداً ، وهو الصّلاة ، وربّما يصادف موضوعين فيصحّ توارد الأمرين على عامّة المكلّفين ومنهم الشخص الواقف أمام المتزاحمين ولا يستهجن.
إذا عرفت هذه المقدّمات :
فنقول : إنّ متعلّقي التكليفين قد يكونان متساويين في الجهة والمصلحة وقد يكون أحدهما أهمّ ، فعلى الأوّل لا إشكال في حكم العقل بالتخيير ... وأمّا إذا كان أحدهما أهمّ فإن اشتغل بإتيان الأهمّ فهو معذور في ترك المهمّ لعدم القدرة عليه مع اشتغاله بضدّه بحكم العقل ، وإن اشتغل بالمهمّ فقد أتى بالمأمور به الفعلي لكن لا يكون معذوراً في ترك الأهمّ ، فيثاب بإتيان المهمّ ويعاقب بترك الأهمّ.
فظهر ممّا قدّمنا أمران :
الأوّل : أنّ الأهمّ والمهم نظير المتساويين في أنّ كلّ واحد مأمور به في عرض الآخر ، وهذان الأمران العرضيان فعليّان متعلّقان على عنوانين كلّيين من غير تعرّض لهما لحال التزاحم وعجز المكلّف ، إذ المطاردة التي تحصل في مقام الإتيان لا توجب تقييد الأمرين أو أحدهما أو اشتراطهما أو اشتراط أحدهما بحال عصيان الآخر لا شرعاً ولا عقلاً.
والثاني : إنّ الأمر بالشيء لا يقتضي عدم الأمر بضدّه في التكاليف القانونيّة كما في ما نحن فيه » (١).
أقول : في كلامه رحمهالله مواقع للنظر :
الموقع الأوّل : فيما أفاده في المقدّمة الخامسة من عدم انحلال الأحكام القانونيّة ، فإنّه أوّلاً : لا إشكال في أنّ الحكم لا يتعلّق بالعنوان بما أنّه موجود في الذهن بل يتعلّق به بما أنّه عبرة إلى
__________________
(١) راجع تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ٢٣٨ ـ ٢٤٧ ، طبع مهر.