هل الأمر متعلّق بالطبائع أو بالأفراد؟
وهي مسألة معروفة بين الاصوليين ، وقد أعطاها بعض الأعاظم (١) شكلاً فلسفيّاً ببيانات عديدة منها : « أنّ الكلّي الطبيعي هل يكون بنفسه موجوداً في الخارج أو أنّه موجود بوجود أفراده؟ ».
ولكن الإنصاف أنّها مسألة عرفيّة كما هو الغالب في المسائل الاصوليّة ، توضيح ذلك : أنّه لا إشكال في أنّ كلّ طبيعة إذا وجدت في الخارج يكون لها لوازم قهريّة خارجيّة بحسب الزمان والمكان أو الكمّ والكيف وغيرها من العوارض كالجهر والاخفات وخصوصيّة الوقوع في أيّ زمان ومكان بالنسبة إلى طبيعة الصّلاة التي هي عبارة عن الركوع والسجود والقيام والتكبير والتسليم وغيرها من الأذكار الواجبة ، وحقيقة البحث في المقام هي أنّه هل تكون هذه اللوازم القهريّة والخصوصيّات الخارجيّة داخلة تحت الطلب ، أو أنّ متعلّق الطلب هو طبيعة الصّلاة مجرّدة عن هذه اللوازم ، ولا ريب أنّ هذا بحث عرفي عقلائي ، ويكون عنوان البحث حينئذٍ أنّ الخصوصيّات الفرديّة الخارجيّة التي لا تنفكّ عن الطبيعة في الخارج هل هي داخلة تحت الطلب ، أو لا؟ ولا يخفى أنّ محلّ النزاع ما إذا لم يصرّح المولى بخصوصيّة فرديّة في كلامه ، وإلاّ فلا إشكال في أنّها داخلة تحت الطلب كما إذا قال مثلاً : « صلّ في أوّل الوقت ».
إن قلت : « إنّ تشخّص الوجود بذاته لا بالخصوصّيات التي تلحق به ، وبعبارة اخرى : إنّ الوجود عين التشخّص ويكون لكلّ واحد من العوارض مثل الزمان والمكان والكمّ والكيف وجود آخر مضافاً إلى وجود الجوهر وقائماً عليه ، فيكون لكلّ واحد من هذه الوجودات تشخّص بذاته وامتياز بنفسه عن غيره ، سواء كان جوهراً أو عرضاً ، ولا يكون وجود عرض
__________________
(١) وهو المحقّق الإصفهاني رحمهالله فراجع نهاية الدراية : ج ١ ص ٢٤٨ ، من الطبع القديم.