واخرى : تقوم مصلحة واحدة بأمرين مختلفين ، فيكون مثلاً لمرض خاصّ طريقان من العلاج ، ويقوم أحدهما مقام الآخر كما أنّه يتّفق كثيراً مّا في الخارج عند العرف والعقلاء فيقال : هذا مشابه لذاك.
وثالثة : توجد هناك مصلحتان مختلفتان يقوم كلّ واحدة منهما بطريق يخصّه ، فيمكن استيفاء مصلحة كلّ منهما بطريقه الخاصّ به ، فلا يقوم أحدهما مقام الآخر بل أحدهما يوجب اعدام أثر الآخر كداوئين مختلفين يؤثّران في علاج مرضين مختلفين لا يمكن الجمع بينهما.
ورابعة : توجد هناك مصلحتان متلائمان لا تباين ولا تضادّ بينهما في التأثير بل أحدهما يقوم مقام الآخر ، ولكن لا يقدر المكلّف على الجمع بينهما في زمان واحد كإنقاذ الغريقين.
لا إشكال في أنّ الواجب في الصورة الاولى واجب تعييني وهو واضح ، كما لا إشكال في أنّ الواجب في الصورة الثانيّة إنّما هو القدر الجامع الحقيقي بين الأمرين ، أي الواجب واحد ولكن له مصداقان يوجب تخيير الإنسان عقلاً.
وأمّا الصورة الثالثة والرابعة ( اللتان يكون التضادّ في أحدهما من جانب ذاتي الشيئين وفي الآخر من جانب المكلّف وعدم قدرته على الجمع بينهما في مقام الامتثال ) فيكون التخيير فيهما مولويّاً ويكون متعلّق الطلب عنوان أحدهما ، أي الجامع الانتزاعي ، لأنّ المفروض أنّه ليس في البين جامع حقيقي حتّى يكون هو متعلّق الغرض والطلب ، بل يكون الغرض قائماً بأحدهما ، فليكن الطلب أيضاً متعلّقاً بعنوان أحدهما الذي يكون عنواناً مشيراً إلى أحد الفردين في الخارج ـ وهذا هو الوجه الثاني أو القول الثاني من الوجوه المذكورة آنفاً.
أمّا الوجه الأوّل : وهو أن يكون الواجب الفرد المردّد.
ففيه : أنّ الفرد المردّد لا يكون كلّياً يمكن انطباقه على كلّ واحد من الفردين بل إنّه جزئي حقيقي يتصوّر فيما إذا تعلّق الحكم بفرد معيّن خاصّ ولكنّه تردّد بين الفردين بحصول جهل أو نسيان ، وأمّا في المقام فلم يتعلّق الطلب بفرد معيّن ، بل المتعلّق فيه كلّي « أحدهما » الذي ينطبق على كلّ من الطرفين على حدّ سواء.
إن قلت : إذا علم بنجاسة أحد الإنائين ، ثمّ عرض له النسيان ثمّ انكشف له كون كلّ واحد منهما نجساً في الواقع ، فلا إشكال حينئذٍ في تعلّق علم الإنسان بالفرد المردّد مع عدم تعيّنه في الخارج ، فلا منافاة بين أن يكون متعلّق العلم الإجمالي الفرد المردّد وبين عدم تعيّنه في الخارج ،