كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ )(١) ، كما أنّ المتبادر منها أنّ الأغراض متعدّدة لأنّه لو كان الغرض واحداً وهو ما يقوم بالقدر الجامع الحقيقي كان الأولى أن يتعلّق الخطاب به من دون العطف بكلمة « أو » ، فإنّ الظاهر المتبادر من قولك : « اجعل زيداً أو عمراً صديقاً لنفسك » أنّ الخصوصيّات الفرديّة لزيد وعمرو تكون دخيلة في الغرض ، وإلاّ كان الأولى أن تقول : « اجعل الإنسان صديقاً لك » وبالجملة إنّ ظاهر العطف بكلمة « أو » عدم كون التخيير عقليّاً إلاّ إذا قامت قرينة على الخلاف ، وكذا كلّ ما يؤدّي معنى هذه الكلمة.
لا يقال : « أنّ الكلّي المنتزع كعنوان أحدهما غير ملحوظ في الأوامر العرفيّة ولا يلتفت إليه » (٢) لأنّا نقول : فرق بين عمل الانتزاع الذهنبي في وعاء الذهن وتحليل حقيقة الانتزاع والمفاهيم الانتزاعيّة الذهنيّة ، والإنصاف أنّ ما يكون غير ملحوظ عند العرف إنّما هو الثاني ، وأمّا الأوّل فلا إشكال في أنّ عمل الانتزاع يتحقّق في ذهن العرف كثيراً من غير إلتفات إلى حقيقته كما أنّه كذلك في كثير من القضايا المنطقية كما لا يخفى.
بقي هنا شيء :
لا إشكال في وقوع التخيير بين الأقلّ والأكثر في لسان العرف والشرع نظير التخيير بين الواحد والثلاث أو بين الواحد والأكثر في ذكر الركوع والسجود والتسبيحات الأربعة ونظير التخيير بين الثلاثين دلواً والأربعين دلواً مثلاً في بعض منزوعات البئر ، والتخيير بين القصر والإتمام في الأماكن الأربعة المعروفة ( ويمكن أن يناقش في الأخير بأنّه من قبيل المتباينين لاعتبار اندراج الأقلّ بتمام أجزائه وخصوصّياته ضمن الأكثر بينما صلاة القصر ليست كذلك لأنّها مندرجة في الإتمام مجرّدة عن التسليم ) هذا في لسان الشرع ، وأمثلته في العرف أيضاً كثيرة.
إنّما الإشكال فيما ذكر لعدم إمكانه عقلاً من دعوى أنّه مع تحقّق الأقلّ في الخارج وحصوله
__________________
(١) سورة المائدة : الآية ٨٩.
(٢) فوائد الاصول : ج ١ ، ص ٢٣٥ ، طبع جماعة المدرّسين.