الواجب الموقّت
يتصوّر الواجب من حيث الزمان على ثلاث صور :
الصورة الاولى : أن لا يكون له أي تقيّد بالزمان ولا يكون للزمان أي دخل في تحقّق مصلحته وإن كان تحقّقه في الخارج محتاجاً إلى الزمان ( من باب أنّ الإنسان بما أنّ وجوده زماني تكون أفعاله أيضاً زمانيّة ) نظير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونظير أداء الدَين فإنّ مقوّم المصلحة ، فيهما إنّما هو نفس طبيعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونفس طبيعة أداء الدَين بحيث لو أمكن انفكاكهما عن الزمان لما وقع خلل في تحقّق المقصود ووقوع المصلحة فيكون واجباً مطلقاً من هذه الجهة.
الصورة الثانيّة : أن يكون للزمان دخل في المصلحة ولكنّه أوسع من مقدار الواجب فيسمّى موقّتاً موسّعاً كما في الصّلوات اليوميّة والعمرة الواجبة.
الصورة الثالثة : أن يكون للزمان دخل أيضاً في تحقّق المصلحة ولكنّه يكون بقدر الواجب فيسمّى موقّتاً مضيّقاً كما في صيام رمضان وبعض مناسك الحجّ كالوقوف في العرفات.
وهناك صورة رابعة ذكرها في تهذيب الاصول (١) وهي ما إذا كان مطلق الزمان دخيلاً في تحقّق الغرض ، ولكن أوّلاً لم نظفر بمثال له في الفقه ، وثانياً أنّه ممّا لا مجال للأمر به للزوم اللغويّة ( كما صرّح به نفسه ) لأنّ المكلّف لا يقدر على إيجاده في غير الزمان حتّى يكون الأمر صارفاً عنه وداعياً نحوه.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّه استشكل في تصوير كلّ واحد من المضيّق والموسّع ، فبالنسبة إلى
__________________
(١) تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ٣٦٨ ، طبع جماعة المدرّسين.