الأمر بالأمر
هل الأمر المتعلّق بالأمر بفعل ـ أمر بذلك الفعل حتّى يجب على المكلّف امتثاله إذا علم به وإن لم يصل الأمر الثاني ( أي أمر الواسطة ) إليه ، أو لا يكون أمراً بذلك الفعل فلا يجب على المكلّف الامتثال ما لم يصل إليه من طريق الواسطة؟
لا إشكال في أنّ أمثلة الأمر بالأمر كثيرة في الآيات والرّوايات نظير قوله تعالى : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ ... )(١) وقوله تعالى : ( قُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ )(٢) وقوله تعالى : ( قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ )(٣) وقوله تعالى : ( قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ) (٤) ، وفي الرّوايات نظير الأحاديث القدسيّة ، والوصايا التي تصدر من جانب الأئمّة المعصومين عليهمالسلام إلى شيعتهم تحت عنوان قوله عليهالسلام : « قل لشيعتي كذا وكذا » ، وعند العرف نظير ما إذا قال المولى لابنه : « مُرْ زيداً أن يفعل كذا وكذا » فهل هذا أمر بذاك الفعل بحيث إذا علم زيد بالأمر من قبل أن يأمره ابن المولى كان الإتيان به واجباً عليه ، أو لا يكون أمراً به فلا يجب الإتيان ما لم يأمره ابن المولى؟ ».
الأولى إيراد البحث أيضاً في مقامين : مقام الثبوت ومقام الإثبات.
الأوّل في مقام الثبوت : فتارةً تكون الواسطة مجرّد طريق لوصول أمر المولى إلى عبده المكلّف ، فلا إشكال في وجوب الامتثال على المكلّف إذا علم به وإن لم يصل إليه من جانب
__________________
(١) سورة النور : الآية ٣٠.
(٢) سورة النور : الآية ٣١.
(٣) سورة الجاثية : الآية ١٤.
(٤) سورة العنكبوت : الآية ٢٠.