الأمر بعد الأمر
إذا ورد أمر بعد الأمر قبل امتثال الأمر الأوّل فهل يدلّ هو ( الأمر الثاني ) على التأكيد حتّى يكون المطلوب واحداً ويكفي امتثال واحد ، أو يدلّ على التأسيس وتعدّد المطلوب فلابدّ من الامتثال الثاني وإتيان العمل مرّة اخرى؟
الصحيح أنّ للمسألة صور عديدة :
الصورة الاولى : أن يكون للمتعلّق أو المادّة قيد يستفاد منه التأسيس وتعدّد المطلوب كما إذا قال : « صلّ » ثمّ قال « صلّ صلاة اخرى » أو قال : « اعطني درهماً » ثمّ قال « اعطني درهماً آخر » فلا ريب في أنّ المأمور به حينئذٍ يكون متعدّداً بل إنّه خارج عن محلّ النزاع.
الصورة الثانيّة : أن تكون الهيئة مقيّدة ، فصدرت القضيّة مثلاً على نهج القضيّة الشرطيّة كما إذا قال مثلاً : « إن ظاهرت فاعتق رقبة » ثمّ قال : « إن قتلت نفساً خطأً فاعتق رقبة » فلا إشكال أيضاً في أنّ ظاهرهما تعدّد المطلوب والمأمور به ، إنّما الكلام في تداخل الأسباب وعدمه فيما إذا كانت الأسباب متعدّدة مع وحدة المسبّب وسيوافيك البحث عنه في مباحث المفاهيم مبحث مفهوم الشرط فانتظر.
الصورة الثالثة : أن لا يكون قيد لا للمادّة ولا للهيئة حتّى يستفاد منه التعدّد ، كما إذا قال : « أقيموا الصّلاة » ثمّ قال مرّة ثانيّة : « أقيموا الصّلاة » وهذه الصورة هي محلّ الكلام ، فقال المحقّق الخراساني رحمهالله : إنّ مقتضى إطلاق المادّة كون الأمر الثاني تأكيداً ومقتضى إطلاق الهيئة كونه تأسيساً ، لأنّ كلّ أمر وكلّ هيئة تدلّ على طلب على حدة ، فيدعو إلى مطلوب يخصّه ، وحينئذٍ يقع التعارض بين الإطلاقين ، وذهب بعض الأعلام في المحاضرات إلى أنّ المتفاهم عرفاً هو