ثانياً : إنّ النذر تابع لقصد الناذر ، ويمكن أن يكون الغالب في النذر كون المتعلّق أمراً وحدانياً وعامّاً مجموعياً بحيث لو وقع الحنث لم يجب الوفاء ثانياً ، ولو شككنا فيه فمقتضى أصالة البراءة هو عدم وجوب الوفاء ، وأمّا لو فرض تعلّق النذر على نهج العامّ الافرادي فلا يبعد القول بوجوب الاستمرار كما لا يبعد وجود الفتوى كذلك ، حيث إنّ الظاهر أنّ عدم فتوى الفقهاء بوجوب التكرار في باب النذر يكون من باب تلك الغلبة فهي منصرفة عن موارد العام الافرادي.
هل يدلّ النهي على دوام وجوب الترك وعلى الحرمة ثانياً بعد ارتكاب المخالفة أوّلاً ، أو لا؟ وإن قلنا بدلالته على الاستمرار مع قطع النظر عن العصيان.
قد ظهر الجواب ممّا مرّ ، فإنّه إذا كان المتعلّق على نهج العام المجموعي فلا إشكال في عدم وجوب الترك ثانياً في صورة المخالفة ، وأمّا إذا كان على نهج العام الافرادي فلا إشكال أيضاً في وجوب الترك ثانياً ، هذا بالنسبة في مقام الثبوت.
وأمّا مقام الإثبات فيمكن أن يقال : إنّ ظاهر إطلاق النهي والمتبادر من إطلاق الهيئة والمادّة كون المتعلّق على نهج العام الافرادي ، ومنشأ هذا التبادر إنّما هو الغلبة في الوجود حيث إنّ الغالب في النواهي صدورها على نحو العام الافرادي وقد ذكرنا في محلّه أنّ غلبة الوجود تكون سبباً لغلبة الاستعمال غالباً وهي سبب للانصراف ، ونتيجة ذلك أنّه إذا أتى المكلّف مثلاً بأحد التروك في مناسك الحجّ يجب عليه الترك أيضاً فيما بعد.