في اجتماع الأمر والنهي
وقبل الخوض في أصل المقصود لا بدّ من تقديم امور :
قد وردت تعابير مختلفة في مقام بيان عنوان المسألة ومحلّ النزاع فقال المحقّق الخراساني رحمهالله : « اختلفوا في جواز اجتماع الأمر والنهي في واحد وامتناعه » ، وقال المحقّق النائيني رحمهالله : « الأولى تبديل العنوان بأن يقال : إذا اجتمع متعلّق الأمر والنهي من حيث الإيجاد والوجود فهل يلتزم من الاجتماع كذلك أن يتعلّق كلّ من الأمر والنهي بعين ما تعلّق به الآخر كما هو مقالة القائل بالامتناع أو لا يلزم ذلك كما هو مقالة القائل بالجواز » (١)؟
ولبعض الأعلام في المحاضرات كلام هو في الحقيقة توضيح لكلام استاذه وتعليل لاختياره العنوان المزبور وحاصله : « إنّ عنوان النزاع في هذه المسألة على ما حرّره الأصحاب قديماً وحديثاً يوهم كون النزاع فيها كبرويّاً ، أي مردّ النزاع في المسألة إلى دعوى المضادّة بين الأحكام الشرعيّة بعضها مع بعض وعدم المضادّة ، مع أنّه لا يعقل أن يكون كبرويّاً ، بداهة استحالة اجتماع الأمر والنهي في شيء واحد ووجود المضادّة بينهما مطلقاً حتّى عند من يجوّز التكليف بالمحال كالأشعري ، وذلك لأنّ اجتماعهما في نفسه محال ، لا أنّه من التكليف بالمحال ضرورة استحالة كون شيء واحد محبوباً ومبغوضاً للمولى معاً على جميع المذاهب والآراء فما ظنّك بغيره ، إذن لا نزاع في الكبرى بل النزاع في المسألة إنّما هو في الصغرى ، أي في أنّ النهي
__________________
(١) فوائد الاصول : ج ١ ، ص ٣٩٦ ـ ٣٩٧ ، طبع جماعة المدرّسين.