ويرد عليه : أنّ الميزان في المسألة الاصوليّة وقوعها في طريق استنباط الحكم الشرعي سواءً كان بضمّ ضميمة أم لا؟ وإلاّ يلزم خروج عدّة من المسائل الهامّة لعلم الاصول عن كونها اصوليّة كمسألة حجّية خبر الواحد التي يستنتج منها الحكم الشرعي بعد ضمّ مسألة حجّية الظواهر إليها ، وكذلك قواعد جهة الصدور.
فالحقّ أنّ المسألة اصوليّة لوجود ضابطها فيها حتّى لو سلّمنا وجود سائر الجهات فيها أيضاً.
بقي هنا شيء :
وهو أنّه قد ظهر من تضاعيف المقدّمات المذكورة أنّ المسألة عقليّة حيث إنّه من الواضح أنّ قضيّة جواز اجتماع الأمر والنهي المتعلّقين على عنوانين متصادقين على عمل واحد وعدمه لا يدور مدار الألفاظ قطعاً ، كما لا دلالة لذكرها ضمن مباحث الألفاظ على أنّها لفظيّة ، وكم لها من نظير كمسألة مقدّمة الواجب ومسألة دلالة النهي على الفساد ومسألة الإجزاء ومسألة الضدّ والترتّب ونظير البحث عن حقيقة الواجب الكفائي والواجب التخييري ، فإنّ جميع هذه المسائل عقليّة ، أو أن لأكثر المباحث فيها جهة عقليّة ومع ذلك ذكرت في مباحث الألفاظ ، ولا إشكال في أنّ هذا بنفسه من مشكلات علم الاصول في يومنا هذا ، ولا بدّ من ملاحظة طريق حلّ لها في المستقبل إن شاء الله.
هل النزاع في ما نحن فيه مختصّ مرتبط بقسم خاصّ من الأمر والنهي ، أو أنّه يعمّ جميع أقسامهما سواء كان الأمر أو النهي نفسيّاً أو غيريّاً ، وسواء كان تعيينياً أو تخييريّاً ، وعينياً أو كفائيّاً؟ ذهب المقحّق الخراساني رحمهالله إلى أنّ النزاع عامّ يشمل جميع الأقسام ، وتبعه كثير من الأعلام ، لكن قد ورد في بعض الكلمات إستثناء مورد واحد ، وهو ما إذا كان الواجب والحرام كلاهما تخييريين.
والقائلون بعموم النزاع استدلّوا لذلك بثلاثة وجوه :
الوجه الأوّل : إطلاق عنوان البحث فإنّه شامل بإطلاقه لجميع الأقسام.