الوجه الثاني : إطلاق الأدلّة التي يستدلّ بها على الجواز أو الامتناع كالاستدلال بتضادّ الأحكام الخمسة لسراية أحد الحكمين بمتعلّق الآخر ، فإنّه مطلق يعمّ جميع الأفراد.
الوجه الثالث : عموم الملاك في البحث ، وهو تعدّد العنوان من جانب ووحدة المعنون والمصداق من جانب آخر.
وأمّا الإستثناء المذكور ، أي صورة ما إذا كان الحكمان تخييريين فقبل توضيحه وبيان مثال له وذكر أحكامه ينبغي تقديم مقدّمة ، وهي البحث في أنّه هل يتصوّر الحرام التخييري والحرام الكفائي في الفقه كالواجب التخييري والواجب الكفائي أم لا؟
فنقول : أمّا الحرام التخييري فيمكن تصويره في حرمة نكاح الاختين حيث إنّ الحرام التخييري يرجع حقيقة إلى حرمة الجمع بين شيئين كما أفاده المحقّق الإصفهاني رحمهالله في حاشيته على الكفاية ، وهذا صادق في هذا المثال ، وأمّا الحرام الكفائي فيمكن تصويره أيضاً في حرمة بيع السلاح للأعداء فيما إذا فرضنا تركيب السلاح من موادّ مختلفة منتشرة عند المكلّفين ، فكلّ مادّة من تلك المواد وكلّ جزء من السلاح يوجد عند مكلّف خاصّ ويكفي في عدم تأثير السلاح بنفع الأعداء عدم بيع بعض المكلّفين المادّة الموجودة عنده ، وحينئذٍ يحرم كفائيّاً بيع تلك الأجزاء للسلاح.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّه استدلّ القائل بعدم جريان النزاع في التخييريين بأنّه لا تضادّ بين النهي التخييري والأمر التخييري ، لأنّ متعلّق الأمر فيه عنوان أحد الشيئين ، ومتعلّق النهي هو الجمع بينهما لا عنوان أحدهما كما إذا نذر أن يأتي بالصّلاة أو الصّيام ، ونذر ثانياً أن لا يصلّي إمّا في الحمام أو في البادية لكراهة الصّلاة فيهما فهاهنا ، تعلّق النذر الأوّل ( وهو النذر الفعلي ) بعنوان أحدهما ، بينما النذر الثاني ( أي النذر التركي ) تعلّق بالجمع بين الصّلاة في الحمام والصّلاة في البادية ، ولا إشكال في أنّه لا تضادّ بين المتعلّقين حتّى إذا قلنا بإمتناع الاجتماع في سائر الموارد.
والمراد من المندوحة كون المكلّف في فسحة من إتيان المأمور به في غير مورد الاجتماع كأن وجد أرضاً مباحة لإتيان الصّلاة فيها في مثال الصّلاة في الدار المغصوبة في مقابل من لا يتمكّن