من الإتيان بها إلاّفي الدار المغصوبة كالمحبوس فيها ، وهذه الكلمة من « ندح » بمعنى الوسعة كما ورد في الحديث : « أنّ في المعاريض مندوحة من الكذب » ( والمراد من المعاريض التورية ) فوقع النزاع في أنّه هل يجري النزاع في خصوص موارد وجود المندوحة أو يجري في موارد عدم وجودها أيضاً؟
والأقوال في اعتبارها وعدمه ثلاثة :
القول الأوّل : القول بعدم الاعتبار وعليه أكثر الأعلام منهم المحقّق الخراساني رحمهالله.
القول الثاني : القول باعتبارها وعليه المحقّق الحائري رحمهالله في درره وصاحب الفصول.
القول الثالث : القول بالتفصيل بين ما إذا حصل الاجتماع بسوء الاختيار كمن أوقع نفسه عملاً في الأرض المغصوبة في ضيق الوقت فلا يكون معتبراً ، بل يجري النزاع مع عدم وجودها أيضاً ، وما إذا لم يكن بسوء الاختيار فيكون معتبراً ، أي يجري النزاع حينئذٍ في خصوص ما إذا كانت المندوحة موجودة ، وقد ذهب إليه الميرزا القمّي رحمهالله.
والقائلون بعدم اعتبارها مطلقاً لهم بيانات مختلفة :
منها : ما أفاده المحقّق الخراساني رحمهالله ، وهو أنّ المهمّ المبحوث عنه في المقام هو استحالة اجتماع الأمر والنهي من ناحية وحدة المتعلّق وتعدّده وأنّه هل يستلزم الاجتماع ، التكليف المحال أو لا؟ ( والمراد من « التكليف المحال » هو عدم تمشّي الإرادة للمولى بالإضافة إلى مورد الاجتماع ) وهو غير « التكليف بالمحال » الذي معناه التكليف بما لا يطاق ، واعتبار وجود المندوحة وعدمه مرتبط به ( أي بالتكليف بالمحال ) حيث إنّه إذا لم توجد المندوحة يلزم التكليف بما لا يطاق وإذا وجدت المندوحة فلا يلزم ذلك ، فاعتبار هذا القيد غير لازم.
ولكن يرد عليه : أنّه لا دليل على اختصاص محلّ النزاع بلزوم التكليف المحال وعدمه ودورانه مداره ، فإنّ عنوان البحث عامّ والتعبير بـ « هل يجوز اجتماع ... » أي التعبير بالإمكان وعدم الإمكان يعمّ الإمكان من ناحية التكليف المحال ، والإمكان من ناحية التكليف بالمحال.
ومنها : ما ذهب إليه في تهذيب الاصول من عدم اعتبار قيد المندوحة سواءً كان النزاع صغرويّاً ، أي كان البحث في أنّ تعدّد العنوان هل يرفع غائلة اجتماع الضدّين أو لا؟ أو كان النزاع كبرويّاً وكان محطّ البحث جواز اجتماع الأمر والنهى على عنوانين متصادقين على واحد ، وحيث إنّ مختاره في المقام هو كبرويّة النزاع ، فإليك نصّ كلامه بناءً على هذا الفرض :