رابعها : ( وهو العمدة والحجر الأساس لإثبات الجواز ) أنّ متعلّق الأحكام هو الطبيعة اللابشرط المنسلخة عن كافّة العوارض واللواحق ، لا الوجود الخارجي أو الإيجاد بالحمل الشائع لأنّ تعلّق الحكم بالوجود لا يمكن إلاّفي ظرف تحقّقه ، والبعث إلى إيجاد الموجود بعث إلى تحصيل الحاصل ، وقسّ عليه الزجر لأنّ الزجر عمّا تحقّق خارجاً أمر ممتنع ، ولا الوجود الذهني الموجود في ذهن الآمر لأنّه بقيد كونه في الذهن لا ينطبق على الخارج ، بل متعلّق الأحكام هو نفس الطبيعة غير المقيّدة بأحد الوجودين.
ثمّ قال : إذا عرفت ما رتّبناه من المقدّمات يظهر لك أنّ الحقّ هو جواز الاجتماع ( انتهى ملخّصاً ) (١).
أقول : وعمدة ما يرد عليه ما مرّ كراراً من أنّ البعث والطلب وهكذا الزجر والكراهة يتعلّق بالخارج من طريق العنوان ، أي إن العنوان قنطرة للعبور بها إلى الخارج فإنّ متعلّق الكراهة وتنفّر المولى في قوله « لا تشرب الخمر » إنّما هو الخمر الخارجي لا الخمر الذهني ولا الطبيعة من حيث هي هي ، فإنّ الوجود الخارجي مبدأ الآثار ومنشأ المصالح والمفاسد ، وقد عرفت أنّه بمعناه المصدري ليس تحصيلاً للحاصل ، نعم أنّه كذلك بمعناه اسم المصدري.
والحاصل أنّ المفاهيم الذهنيّة لا أثر لها وكذا الطبيعة لا بشرط ما لم يلبس لباس الوجود ، فلا تكون متعلّقة للحبّ والبغض والأمر والنهي إلاّمن باب الإشارة إلى الخارج ، وليس البحث بحثاً لفظيّاً وأنّ معنى الهيئة ماذا؟ والمتعلّق ماذا؟ كما يلوح من بعض كلماته.
وأمّا مسألة الجاهل المركّب فإنّها من قبيل الخطأ في التطبيق ولا ينافي كون متعلّق الحبّ أو البغض هو الخارج ، وسيأتي توضيحه في بيان المختار في المسألة فانتظر.
هذا كلّه في أدلّة الطرفين.
أمّا الحقّ والمختار في المسألة فهو امتناع الاجتماع ، وهو مبني على أمرين :
__________________
(١) راجع تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ٣٩١ ـ ٣٩٤ ، طبع جماعة المدرّسين.