للاستحباب بل على القائل بالجواز أيضاً التفصّي عن هذا الإشكال لاعتبار أخذ قيد المندوحة عنده أيضاً في محلّ النزاع.
وأمّا الوجوه الثلاثة على نحو التفصيلي : أنّ العبادات المكروهة على ثلاثة أقسام :
القسم الأوّل : ما تعلّق النهي بعنوانه وذاته من دون أن يكون له بدل كصيام يوم عاشوراء والنوافل المبتدأة عند طلوع الشمس وغروبها.
القسم الثاني : ما تعلّق النهي به كذلك مع وجود البدل كما في النهي عن الصّلاة في الحمّام.
القسم الثالث : ما تعلّق النهي به لا بذاته وعنوانه بل تعلّق بعنوان آخر يجتمع معه وجوداً أو ملازم له خارجاً كما في الصّلاة في مواضع التّهمة فإنّ النهي تعلّق فيها بالصلاه لا بما هي هي بل بما إنّها ملازمة لعنوان التّهمة أو متّحدة معه.
أمّا القسم الأوّل : فلابدّ قبل الجواب عنه من ملاحظة أمرين :
الأمر الأوّل : ترتّب الثوب على هذا القسم ووقوعه صحيحاً فيترتّب الثواب على صيام عاشوراء ويقع في الخارج صحيحاً.
الأمر الثاني : استقرار سيرة الأئمّة وأصحابهم على تركه.
فإنّ مقتضى الجمع بين هذين الأمرين أنّ النهي الذي تعلّق بهذا القسم ليس لأجل منقصة في نفس العمل كي يقال باجتماع المصلحة والمفسدة في عمل واحد بل النهي عنه إمّا لأجل انطباق عنوان ذي مصلحة أهمّ على الترك كالبراءة عن بني اميّة مثلاً أو لأجل ملازمته له وإن لم ينطبق عليه خارجاً ، وعليه لو أتينا به يقع صحيحاً لأنّه ذو مصلحة يتقرّب به إلى الله تعالى فيترتّب الثواب عليه ، ولو تركناه فكذلك يترتّب الثواب على تركه لأنّا حصلنا بالترك على المصلحة الموجودة في العنوان المنطبق على الترك أو الملازم للترك التي تكون أهمّ من مصلحة أصل العمل والتي صارت منشأً لجريان سيرة الأئمّة والأصحاب على الترك ، فهيهنا في الواقع مصلحتان أو مستحبّان متزاحمان ، أحدهما أرجح من الآخر ، نظير تزاحم الوقوف في عرفات يوم عرفة في الحجّ المستحبّ وزيارة قبر الحسين عليهالسلام في نفس ذلك اليوم ، وبه يخرج مثل هذا المثال عن محلّ النزاع ويكون النهي الوارد فيه إرشاداً إلى وجود مصلحة أهمّ في عنوان ينطبق على الترك كعنوان البراءة عن بني اميّة.
وأمّا القسم الثاني : فيأتي فيه نفس الجواب عن القسم الأوّل ، أي يكون النهي عن الصّلاة