وقد اورد عليه :
أوّلاً : بالمناقشة في المثال لأنّ المنهي عنه في المثال المذكور هو الكون في مكان خاصّ والمأمور به هو الخياطة ، وهما لا يتّحدان وجوداً بحيث كان الشيء الواحد خياطة وكوناً في مكان خاصّ ، بل الخياطة في ذلك المكان مع الكون فيه متلازمان وجوداً لا متّحدان كما في الصّلاة في الدار المغصوبة.
وثانياً : إنّا نمنع في المثال المذكور أنّ من خاط الثوب في المكان الخاصّ عدّ مطيعاً وعاصياً من وجهين بل هو إمّا مطيع إذا كان مناط الأمر أقوى ، أو عاصٍ إذا كان مناط النهي أقوى ، نعم إذا كان الواجب توصّلياً كما في المثال المذكور يحصل غرض المولى ولكنّه غير حصول الإطاعة فإنّ الحاصل في هذه الموارد إنّما هو الغرض لا الإطاعة والامتثال ، والأوّل لا يلازم الثاني ، وبعبارة اخرى : في باب التوصّليات تكون دائرة الغرض أوسع من دائرة الأمر.
أقول : إنّ ما غرّ المستدلّ في المقام إنّما هو المثال المزبور ، لأنّا إذا بدّلنا المثال بمثال آخر وهو ما إذا أمر المولى عبده بخياطة ثوب ونهاه عن خياطته بخيط خاصّ ، أو أمره بتطهير ثوبه ونهاه عن تطهيره بماء خاصّ كما مثّل به المحقّق البروجردي رحمهالله فيما مرّ من كلامه فلا إشكال في أنّ أهل العرف لا يعدّونه في هذين المثالين مطيعاً وعاصياً معاً فيما إذا كان مناط النهي أقوى بل إنّه يعدّ عاصياً فقط ، مع أنّهما أيضاً من باب التوصّليات ، ولعلّه إشتبه الأمر من ناحية حصول الغرض دون حصول المأمور به.
هذا تمام الكلام في أدلّة القائلين بجواز اجتماع الأمر والنهي ، وقد ظهر ممّا ذكرنا كلّه أنّ الحقّ هو القول بالامتناع وأنّ المهمّ في الدليل عليه هو الجمع بين الأمرين : تضادّ الأحكام الخمسة وسراية الأوامر والنواهي من العناوين إلى الخارج وأنّ العنوان إنّما أخذ في لسان الدليل لمجرّد الإشارة به إلى المعنون كما عرفت شرحه فيما سبق.
وينبغي التنبيه على امور :
إذا اضطرّ الإنسان إلى ارتكاب الحرام كأن يضطرّ إلى غصب دار الغير فتارةً يضطرّ إليه لا