عن الشرطيّة في صورة الجهل والنسيان والاضطرار لعدم كون النهي في هذه الحالات فعليّاً ومعه لا يجتمع الأمر مع النهي حتّى يستفاد منه شرطيّة الإباحة ، واخرى يستفاد الشرط من دليل لفظي خاصّ فحينئذٍ مقتضى إطلاق الدليل شرطيه ذلك الشرط مطلقاً حتّى في حال الجهل والنسيان والاضطرار نظير شرطي القبلة والطهارة ونتيجته بطلان الصّلاة مع فقد أحدهما حتّى في تلك الحالات أيضاً.
قد مرّ سابقاً أنّ المتّبع في باب التزاحم إنّما هو الأهمّ من الملاكين ، فبناءً على القول بالامتناع في باب الاجتماع وفقد المندوحة حيث إنّ المقام يدخل في باب التزاحم فلابدّ من ملاحظة المرجّحات وكشف الأهمّ من الحكمين بالرجوع إلى لسان الأدلّة وملاحظة مذاق الشارع المقدّس في مجموع الأحكام ، فإن كان الترجيح مع الأمر كان الواجب العمل به وإتيان المأمور به ، وإن كان الترجيح مع النهي كان اللازم أيضاً العمل به وترك المنهي عنه ، فمثلاً يستفاد من أدلّة وجوب الصّلاة أنّ الصّلاة لا تترك بحال وإنّه لا بدّ من إتيانها في جميع الحالات ، ولازمه كونها أهمّ من الغصب ، فيقدّم الأمر على النهي ويؤتى بالصّلاة في الدار المغصوبة بجميع أجزائها إلاّ ما يكون له البدل كالركوع والسجود فيؤتى بهما إيماءً.
هذا ممّا لا إشكال فيه ، إنّما الإشكال فيما إذا لم يمكن كشف الأهمّ من لسان الأدلّة الخاصّة فهل هناك ضابطة عامّة تدلّ على ترجيح الأمر أو النهي أو لا؟
قد يقال : إنّ الترجيح مع النهي مطلقاً إلاّما خرج بدليل خاصّ ، ويستدلّ له بوجوه عديدة :
الوجه الأوّل : ما هو ناظر إلى عالم الإثبات ، وهو أنّ أدلّة النهي على حرمة مورد الاجتماع شمولي ويكون بالعموم ، ودلالة الأمر على وجوبه بدلي ويكون بالاطلاق ، والعام الشمولي أقوى دلالة من العام البدلي ، لأنّ الأوّل يستفاد من اللفظ والعموم ، والثاني يستفاد من الإطلاق ومقدّمات الحكمة ، ولا إشكال في تقديم العموم على الإطلاق ووروده عليه لأنّ من مقدّمات الحكمة عدم البيان ، وعموم العام بيان.