قد مرّ في صدر المسألة السابقة مقالة المحقّق الخراساني رحمهالله في هذا المجال وهي أنّ الجهة المبحوثة عنها في تلك المسألة هي سراية كلّ من الأمر والنهي إلى متعلّق الآخر لاتّحاد متعلّقهما وجوداً ، وعدم سرايته لتعدّدها كذلك ، وأنّ الجهة المبحوثة ـ عنها في هذه المسألة هي أنّ النهي هل يوجب فساد العبادة أو المعاملة ، أو لا؟ بعد الفراغ عن أصل السراية.
أقول : قد مرّ منّا أيضاً أنّ التمايز بين العلوم والمسائل ليس محدوداً في تمايز الأغراض بل أنّه تارةً يكون بالموضوعات واخرى بالمحمولات وثالثة بالأغراض وذلك بتوضيح مرّ سابقاً ، والذي لا بدّ من إضافته هنا أنّ الغالب في التمايز إنّما هو التمايز بالمحمولات ، أي تتمايز العلوم غالباً بالعوارض والحالات الطارئة على الموضوعات. هذا أوّلاً.
وثانياً : قد مرّ في صدر تلك المسألة أيضاً أنّه لا ربط بين المسألتين أصلاً حتّى نبحث في وجه التمايز ، بينهما لوجود الفرق بينهما من ناحية كلّ من الموضوع والمحمول والنتيجة كما يظهر بملاحظة عنوانيهما كما مرّ توضيحه في المسألة السابقة.
لا إشكال في أنّها ليست مسألة فقهيّة لأنّ نتيجتها لا يمكن أن تقع بيد المكلّف وللعمل بها كما هو الحال في المسائل الفقهيّة.
الجهة الاولى : هل هي حينئذٍ مسألة اصوليّة؟ ذهب بعض الأعلام في المحاضرات إلى أنّها اصوليّة بدعوى أنّ المسألة الاصوليّة ترتكز على ركيزتين :
إحديهما : أن تقع في طريق استنباط الحكم الكلّي الإلهي.
وثانيهما : أن يكون ذلك بنفسها أي بلا ضمّ مسألة اصوليّة اخرى ، وكلتا الركيزتين تتوفّران في مسألتنا هذه (١).
ولكن قد مرّت المناقشة في كلامه هذا بأنّه كثيراً مّا يتّفق انضمام مسألة من مسائل الاصول إلى مسألة اخرى حتّى تستنتج منها نتيجة فقهيّة كانضمام مسألة حجّية خبر الواحد إلى مسألة
__________________
(١) المحاضرات : ج ٥ ، ص ٤.