بالبيع الفلاني فلا إشكال في عدم دلالته على الفساد كما لا يخفى ، فالقول بأنّ النهي يدلّ على الفساد في باب المعاملات ( كما أشار إليه المحقّق الخراساني رحمهالله ) خلط بين النهي الإرشادي والنهي المولوي ، فلا يمكن الاستدلال به على كون النزاع في ما نحن فيه لفظياً.
وثانياً : لا بدّ في عدّ الدلالة الالتزاميّة من الدلالات اللّفظيّة من كون اللزوم فيها بيّناً بالمعنى الأخصّ ، ولا إشكال في عدم كونه كذلك في ما نحن فيه وإلاّ لم تكن حاجة إلى البحث وإقامة البرهان العقلي عليه.
ثالثاً : ليس بدءاً أن لا تكون هذه المسألة مسألة لفظيّة مع كونها منسلكة في باب الألفاظ وكم لها من نظير كمسألة الإجزاء ومقدّمة الواجب وعدّة من الْامور المطروحة ضمن مبحث مقدّمة الواجب كالبحث عن الواجب المعلّق والواجب المشروط والواجب التعبّدي والتوصّلي حيث لا إشكال في أنّها مباحث عقليّة أُوردت في مباحث الألفاظ ، وهكذا غيرها من نظائرها كمباحث الترتّب واجتماع الأمر والنهي وحقيقة الواجب الكفائي والواجب التخييري.
وجدير أن نشير هنا إلى أنّ ما بأيدينا اليوم من علم الاصول وإن انتهى في النموّ والتكامل إلى غايته بالنسبة إلى كثير من العلوم ولكنّه مضطرب النظام والترتيب والتبويب غاية الاضطراب ، وإنّي قد لاحظت فيه هذه الجهة فبعد التأمّل في مسائله وإعمال الدقَّة فيها من هذه الناحية وجدت ما يقرب من أربعين إشكالاً ممّا يخلّ بالنظام المطلوب في العلوم ، وللبحث التفصيلي عنه مجال آخر.
وممّا ذكرنا ظهر أن النزاع في هذه المسألة ناظر إلى مقام الثبوت وأنّ النهي في ذاته هل يلازم الفساد أو لا؟ سواء استفدناه من اللفظ أو من غير اللفظ من عقل أو إجماع ، وليس ناظراً إلى مقام الإثبات كما في بعض الكلمات.
وهل هو يختّص بالنهي النفسي أو يعمّ النهي الغيري المقدّمي أيضاً ( والنهي المقدّمي مثل أن يقال : « لا تصلّ في سعة الوقت وأزل النجاسة عن المسجد » ). ذهب المحقّق الخراساني رحمهالله إلى