جميع الموارد وصفان ينتزعان من مطابقة المأتي به للمأمور به وعدمها فيكونان من الامور الانتزاعيّة ، وقسّ عليه سائر المباني.
بقي هنا شيء :
وهو أنّ مقتضى ما مرّ منّا من تعريف الصحّة والفساد بالأثر أنّهما وصفان حقيقيّان خارجيان يتّصف بهما الوجود الخارجي وليسا من الماهيات والعناوين الكلّية الذهنيّة فإنّ المتّصف بالصحّة في باب المعاملات مثلاً هو صيغة العقد الخارجي المتحقّقة في الخارج لا عنوان كلّي العقد ، لأنّ المنشأ للأثر إنّما هو الخارج والفرد الخارجي لا الماهية والعنوان ، وقد مرّ كراراً أنّ أخذ العناوين الكلّية في موضوع الأدلّة إنّما هو للإشارة إلى أفرادها الواقعة في الخارج.
وقد مرّ سابقاً أنّ ثمرة مثل هذا البحث تعيين من عليه إقامة البرهان ، وهو من يخالف رأيه الأصل في المسألة لا من يوافقه.
والأصل إمّا لفظي وهو الإطلاق أو العموم ، أو عملي وهو تلك الاصول الأربعة المعروفة ، ومحلّ جريان الأصل تارةً يكون هو المسألة الاصوليّة وهي في المقام دلالة النهي على الفساد ، أو وجود الملازمة بين النهي والفساد ، واخرى المسألة الفقهيّة وهي في المقام نظير النهي عن الصّلاة وقت النداء ، فهيهنا مقامات أربع :
فنقول : لا يوجد أصل لفظي يستفاد منه دلالة النهي على الفساد أو وجود الملازمة بين النهي والفساد ، أو يستفاد منه عدم دلالته عليه أو عدم وجود الملازمة من إطلاق أو عموم ، وهذا ممّا لا خلاف فيه.
المقام الثاني : في الأصل العملي في المسألة الاصوليّة
قد يقال : إنّ مقتضى استصحاب عدم الدلالة أو عدم وجود الملازمة إثبات المسألة