الاصوليّة ، أي إثبات عدم دلالة النهي على الفساد أو إثبات عدم وجود ملازمة بين النهي والفساد.
ولكن من الواضح عدم جريان هذا الاستحصاب ، لأنّ عدم الدلالة أو عدم وجود الملازمة ليس من المتيقّن سابقاً إلاّ أن يتمسّك بذيل العدم الأزلي ، ولا إشكال في أنّ استصحاب العدم الأزلي لو سلّم حجّيته في محلّه ليس جارياً في المقام لعدم ترتّب أثر شرعي عليه بلا واسطة ، حيث إنّ عدم الدلالة أو عدم وجود الملازمة من الآثار العقليّة فيكون الأصل حينئذٍ مثبتاً كما لا يخفى.
وفيه فرق بين باب العبادات وباب المعاملات ، أمّا في العبادات فلا أصل لفظي من عموم أو إطلاق يدلّ على صحّة العبادة المنهي عنها أو فسادها عند الشكّ ، وأمّا في المعاملات فيمكن أن يستدلّ للصحّة فيها بإطلاق « اوفوا بالعقود » أو « أحلّ الله البيع » وغيرهما من الإطلاقات المذكورة في محلّه وهذا واضح لا إشكال فيه.
أمّا بالنسبة إلى المعاملات فبعد فرض عدم عموم أو إطلاق يقتضي الصحّة فيها فمقتضى الأصل الفساد كما هو المشهور ، لأنّه بعد أن تعلّق النهي بها وشكّ في دلالته على فسادها بعد تحقّقها في الخارج ـ لا محالة يقع الشكّ في حصول الأثر المترتّب عليها من ملكيّة أو زوجيّة ونحوهما فيستصحب عدم حصوله.
وأمّا بالنسبة إلى العبادات فكذلك مقتضى الأصل العملي هو الفساد وهو أصالة الاشتغال ، فإنّه بعد تعلّق النهي بالعبادة بالخصوص كما في صوم العيدين نقطع بعدم كونها بخصوصها مأموراً بها ، لأنّ المفروض أنّ النهي تعلّق بصيام العيدين بالخصوص ، ولذلك لا يشمله أيضاً إطلاق الأمر المتعلّق بمطلق صيام كلّ يوم حتّى يحرز الملاك من هذا الطريق ويكون الصّيام صحيحاً من طريق قصد الملاك.
وبالجملة : إنّ تعلّق النهي بالعبادة بالخصوص يوجب انقطاع الأمر من أصله ، ومعه لا أمر ولا محرز للملاك حتّى يمكن به تصحيحها.