يوافق ما ذكرنا وما ذكره المشهور في معنى الحروف وإنّها معانٍ غير مستقلّة.
٦ ـ إنّه لا فرق بين كاف التشبيه وكلمة « مثل » في المعنى وإن افترقا في بعض الاستعمالات ، فيأتي فيها كلمة « مثل » دون « الكاف » وهذا لا ينافي كون معناها مفهوماً اسميّاً كما يكون كذلك في الضمائر المتّصلة والمنفصلة ، فإنّه قد لا يمكن استعمال بعضها في مورد بعض وإن كان المعنى واحداً ، والشاهد على عدم الفرق جواز استعمال أحدهما في موضع الآخر وإن كان لكلّ واحد منهما آثاره الخاصّة من حيث اللفظ من قبيل وقوع « مثل » مبتدأ دون « الكاف ».
هذا تمام الكلام في المعاني الحرفيّة.
قال صاحب الكفاية رحمهالله هنا ما حاصله : إنّه قد ظهر ممّا ذكرنا عدم الفرق بين الإخبار والإنشاء لا في الموضوع له ولا في المستعمل فيه ، بل الفرق في كيفية الاستعمال وغايته ، فالموضوع له والمستعمل فيه في جملة « بعت » حال الإخبار والإنشاء واحد ، إلاّ أنّ « بعت » الخبريّة وضعت لأن يراد منها الحكاية عن الخارج و « بعت » الإنشائيّة وضعت لأن يراد منها إيجاد البيع وإنشائه في عالم الاعتبار.
أقول : قد ظهر ممّا سبق ما هو الحقّ في المسألة أيضاً ، وهو أنّ الإنشاء والإخبار أمران مختلفان ، ذاتاً وجوهراً كما هو مقتضى حكمة الوضع ، أمّا الإخبار فهو في الواقع بمنزلة التصوير من الخارج بآلة التصوير من دون تصرّف من ناحية المصوّر. وأمّا الإنشاء فهو إيجاد معنى في عالم الاعتبار من دون أن يكون بإزائه في الخارج شيء يحكى عنه ، لأنّ يد الجعل لا تنال عالم التكوين بل هي مختصّة بالامور الاعتباريّة ، ويأتي إن شاء الله تعالى في مبحث الأمارات في مقام بيان حقيقة حجّية الأمارات أنّه لا معنى لكون الحجّية هناك بمعنى جعل صفة القطع كما قال به المحقّق النائيني رحمهالله ، لأنّ القطع أمر تكويني لا يقبل الجعل التشريعي وبالنتيجة لا شباهة بين ماهيّة الإنشاء وماهية الإخبار ، والفرق بينهما هو نفس الفرق بين الامور التكوينيّة والاعتباريّة ، وأمّا نحو جملة « بعت » التي تستعمل في الإخبار والإنشاء كليهما فإنّها من قبيل الألفاظ المشتركة التي وضعت لمعنيين مختلفين ولا بأس بالالتزام به.
تكملة : في ما أفاده بعض الأعلام في المقام. وحاصله : إنّ ما ذكره المحقّق الخراساني رحمهالله مبني