فقال المحقّق الخراساني رحمهالله : إنّها على قسمين : فبعضها وضع ليشار به إلى معنى ، وهي الضمائر الغائبة ، وبعض آخر وضع لأن يخاطب به المعنى ، ثمّ قال : والإشارة والتخاطب حين الاستعمال يستدعيان التشخّص فلا يكونان جزئين من الموضوع له بل الموضوع له هو المفرد المذكّر الكلّي المتصوّر حين الوضع ، وعلى هذا فالوضع والموضوع له فيها عامّ.
قد يقال : إنّ الضمائر كلّها إيجاديّة ، أمّا الغائب منها فيوجد بالإشارة كأسماء الإشارة ، فوزانها وزان أسماء الإشارة ، وأمّا المخاطبة منها فيوجد بها الخطاب.
أقول : الحقّ فيها هو التفصيل بين ضمائر الغيبة والخطاب والتكلّم ، أمّا الغائب منها فلا دلالة لها على الإشارة ، ويشهد عليه قيامها مقام تكرار الاسم ، فيقال بدل جملة : « جاء زيد وجلس زيد » « جاء زيد وجلس » ( والضمير مستتر فيه ) ، وأمّا ضمير المخاطب أو المتكلّم فيدلّ على نوع من الإشارة ، ويشهد عليه عدم قيام اسم الظاهر مقامهما ، فلا يمكن أن يقال بدل « أنا قائم » أو « أنت قائم » « زيد قائم » كما يشهد عليه أيضاً انضمام الإشارة باليد أو الرأس ونحوهما حين إطلاقهما كما في أسماء الإشارة.
إن قلت : فما الفرق بين اسم الإشارة وضمير المتكلّم والمخاطب؟
قلنا : الفرق بينهما أنّ اسم الإشارة يدلّ على الإشارة وتعيين المشار إليه فقط ، وأمّا ضمير المخاطب والمتكلّم فمضافاً إلى دلالتهما على الإشارة ، يدلاّن على كون المشار إليه مخاطباً ( في المخاطب ) ومتكلّماً ( في المتكلّم ). هذا كلّه في الضمائر.
ففي تهذيب الاصول ما حاصله : إنّ في الموصولات أيضاً نوعاً من الإشارة فمعانيها معاني إيجاديّة ، وضعت لايجاد الإشارة إلى مبهم يتوقّع رفع ابهامه بالصلة (١).
أقول : الموصولات يكون وزانها وزان ضمائر الغيبة ولا تدلّ على الإشارة أصلاً ، والشاهد عليه قيام اسم الظاهر مقامها فيقال بدل : « جاء الذي قتل عمراً » « جاء قاتل عمرو » وهي بذواتها مبهمة من جميع الجهات إلاّمن ناحية الصلة والإفراد والتثنية والجمع والتذكير
__________________
(١) تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ٢٨ ، طبع مهر.