الأمر الرابع : الدلالة تابعة للارادة أو لا؟
هل الإرادة دخيلة فيما وضع له اللفظ ، أو لا؟ ومآله إلى أنّ مثل لفظ « زيد » هل وضع لمجرّد المعنى فقط ، أو وضع للمعنى المقيّد بكونه مراداً؟ ذهب بعضهم إلى عدمه وأنّ الموضوع له هو المعنى من حيث هو هو ، كما يستفاد هذا من تهذيب الاصول أيضاً. ولكن المحقّق الحائري رحمهالله في درره ذهب إلى الثاني وأنّ الإرادة داخلة في الموضوع له وتبعه بعض أعاظم العصر.
واستدلّ المحقّق الخراساني رحمهالله للعدم بامور ثلاثة :
الأمر الأوّل : ما مرّ منه من أنّ قصد المعنى على أنحائه من مقوّمات الاستعمال ويكون خارجاً عن الموضوع له والمستعمل فيه ، ولا يخفى أنّ إرادة اللافظ في المقام ليست شيئاً وراء لحاظ المعنى.
الأمر الثاني : إنّه يستلزم التجريد ولزوم التصرّف في عامّة الألفاظ لأنّ المتّصف بالقيام في « زيد قائم » ، مثلاً هو زيد الخارجي لا زيد المراد الذهني ، والمتّصف بالثقل في « الحجر ثقيل » إنّما هو الحجر الخارجي لا الذهني ، فلابدّ من تصرّف في معنى زيد والحجر وتجريدهما عن قيد الإرادة حتّى يصحّ حمل القيام والثقل وإسنادهما إليهما.
الأمر الثالث : إنّه يلزم كون وضع عامّة الألفاظ عامّاً والموضوع له خاصّاً ، لأنّ إرادة اللافظ لو كانت جزء الموضوع له أو كان قيده كان الموضوع له جزئيّاً ذهنيّاً وخاصّاً لأنّه لا مجال لتوهّم أخذ مفهوم الإرادة فيه بل المدّعى أخذ مصاديقها.
أقول : الإنصاف أنّ هذه المسألة ترجع بحسب الحقيقة إلى المبنى الذي اختاروه في البحث عن حقيقة الوضع ، فمن ذهب هناك إلى أنّ حقيقة الوضع التعهّد والالتزام فيمكن له القول بكون الإرادة دخيلة في الموضوع له ، لأنّ التعهّد ملازم للارادة ، ومن ذهب إلى أنّ حقيقة الوضع تخصيص اللفظ بإزاء المعنى كما هو المختار فلازم كلامه القول بعدم أخذها فيه.
ولكن قد يقال : إنّ هنا طريقاً آخر لإثبات كون الإرادة دخيلة في الموضوع له ، وهو أنّ