الأمر السادس : في علائم الحقيقة والمجاز
ذكروا لتشخيص الحقيقة عن المجاز علائم يحتاج الفقيه إليها في معرفة ظواهر الألفاظ ، وهذا البحث من أهمّ مباحث الألفاظ وأكثرها فائدة وأتمّها آثاراً في الفقه والتفسير والحديث وغيرها ومن المباحث التي تسمّى بالمباحث الرئيسيّة ، فإنّها المدار في فهم معاني الألفاظ الواردة في الكتاب والسنّة ، وهي امور :
وقد قيل في تعريفه إنّه انسباق المعنى إلى الذهن من حاق اللفظ ، ويراد من حاق اللفظ ما يقابل الانسباق الحاصل من وجود القرينة.
وقيل أيضاً إنّه خطور المعنى في الذهن من حاق اللفظ. كما قيل : إنّه انفهام المعنى ، لكن العبارات شتّى والمقصود واحد.
وقبل الشروع في البحث لا بدّ من ذكر مقدّمة ، وهي أنّ التبادر علامة يعوّل عليها كلّ مستعلم في اللّغة صغيراً كان أو كبيراً ، بل أهل اللّغة أيضاً في كثير من الموارد حتّى الصبي عند تعلّمه من امّه وأبيه ، فإنّ الصبي إذا رأى انسباق معنى إلى أذهان والديه ومن هو أكبر منه سنّاً فيما إذا أطلق لفظ يستنتج أنّ هذا اللفظ وضع لذلك المعنى ، مثلاً إذا سمع لفظ الماء من واحد منهم ثمّ رأى إتيانه هذه المادّة السيّالة وتكرّر هذا منهم يعلم الصبي أنّ معنى الماء ليس إلاّهذا ، وعلى هذا الطريق يعتمد في فهم معاني الألفاظ غالباً ، بل يكون هذا هو السبيل للذين يتعلّمون لغة جديدة بالمعاشرة مع أهلها ، فالتبادر من أهمّ علائم الحقيقة والمجاز وله مكانة عظيمة بينها ، فإنّه المدرك الوحيد في الغالب لفهم اللغات من أهلها.
إذا عرفت هذا.
فنقول : إنّ هيهنا اموراً تنبغي الإشارة إليها :