ويؤيّد ذلك أنّ كلمة « الصّلاة » بهذه اللّفظة موجودة في إنجيل برنابا الموجود في زماننا هذا لا بلفظة اخرى عبرانيّة أو سريانيّة ، وهذا يشهد على أنّه كما أنّ المعاني لم تكن مستحدثة ، كذلك الألفاظ التي يعبّر عنها ( وإن كانت صحّة هذا الانجيل محلّ الكلام ).
والذي يسهّل الخطب إنّ إثبات المعاني اللغويّة لهذه الألفاظ بهذا الدليل لا أثر له في الثمرة المعروفة لهذه المسألة بل يؤكّد حملها على المعاني المعروفة الشرعيّة بطريق أولى ، فإنّ لازم هذا الكلام كون الصّلاة مثلاً حقيقة في الأركان المخصوصة حتّى قبل ظهور الإسلام فلا تحمل على معنى الدعاء إذا وردت في لسان الشارع بلا قرينة.
وقد أشرنا سابقاً إلى أنّ دائرتها أوسع من الألفاظ المتداولة في ألسنة الاصوليين ، والدليل عليه أنّ الحقيقة الشرعيّة التي ينبغي البحث عن ثبوتها وعدمه على أقسام :
١ ـ ما وضعت للعبادات المخترعة في الشرع مثل « الصّلاة » و « الزّكاة » و « الحجّ » وغيرها.
٢ ـ ما وضعت لأقسام هذه العبادات وهو بالنسبة إلى الصّلاة كـ « صلاة الآيات » و « صلاة الليل » و « صلاة الفطر » و « صلاة القضاء » و « صلاة الأداء » و « صلاة الفريضة » و « صلاة النافلة » وهكذا بالنسبة إلى الصّوم والزّكاة والحجّ.
٣ ـ ما وضعت لأجزاء هذه العبادات مثل عنوان « الطواف » و « السعي » و « الوقوف » و « التقصير » في الحجّ ، و « الركوع » و « السجود » و « التشهّد » و « القنوت » في الصّلاة.
٤ ـ ما وضعت في غير العبادات ، مثل عنوان « الحدّ » و « التعزير » و « الكرّ » و « الماء القليل » وغيرها.
والظاهر أنّ جميع هذه الألفاظ محلّ الكلام في المقام ، فهل الحقيقة الشرعيّة ثابتة في جميعها أو في بعضها؟ والإنصاف أنّه يشكل دعوى ثبوتها في جميع ما ذكرنا ، فاللازم الأخذ بالقدر المتيقّن منها.
نعم توجد هنا ألفاظ نعلم بعدم كونها حقائق شرعيّة ، أي لم توضع لمعانيها الخاصّة في لسان الشارع بل كانت موجودة في العرف العامّ وإنّما اضيف إليها من جانب الشارع شرائط وخصوصّيات فحسب بحيث لم تتبدّل إلى معانٍ جديدة غير ما في العرف العامّ ، مثل لفظ