فقد ظهر بما ذكرناه أن قولة بعض العامة : إن عمر كان من صناديد قريش وعظمائهم في الجاهلية إنما نشأ من شدة العصبية وفرط الجهل بالآثار ، ومتى كان عظيم من العظماء حطابا وراعيا للبعير ومبرطشا للحمير ، ومداحا للقوم ومفاخرا من قبل القبيلة ، فكانت دناءة نسبه ، ورذالة حسبه ، وسفالة أفعاله شواهد ما صدر عنه في خواتم أعماله كما عرفت ، فلعنة الله عليه وعلى أعونه وأنصاره الى قيام يوم الدين.
فقال مؤلف العدد القوية (١) رحمه الله نقلا من كتب المخالفين ـ : في يوم السادس والعشرين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة طعن عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب القرشي العدوي أبو حفص. قال سعيد بن المسيب (٢) : قتل أبو لؤلؤة عمر بن الخطاب وطعن معه اثني عشر رجلا ، فمات منه (٣) ، فرمى عليه رجل من أهل العراق برنسا (٤) ثم برك عليه ، فلما رأى أنه لا يستطيع أن يتحرك وجأ (٥) بنفسه فقتلها (٦).
عن عمرو بن ميمون (٧) ، قال : أقبل عمر فعرض له أبو لؤلؤة غلام المغيرة
__________________
(١) العدد القوية : ٣٢٨ ـ ٣٣١.
(٢) أورده ابن عبد البر في الاستيعاب ٣ ـ ٤٦٧ ـ ٤٦٨ ، المطبوع بهامش الإصابة.
(٣) في الاستيعاب : ستة ، بدلا من : منه ، وهو الظاهر. وفي المصدر : فمات منهم ستة.
(٤) البرنس : كل ثوب رأسه منه ملتزق به ، دراعة كان أو ممطر أو جبة.
(٥) الوجء : اللكز والضرب. أقول : وتقرأ هذه الكلمة في ( س ) : ولجأ بنفسه.
(٦) وأورده العلامة المجلسي ـ رحمهالله ـ في البحار ٩٨ ـ ١٩٩ أيضا.
(٧) عبر عنه في الاستيعاب ٢ ـ ٤٦٨ ـ ٤٦٩ بقوله : من أحسن شيء يروى في مقتل عمر وأصحه.
وأورده في طبقات ابن سعد ٣ ـ ٣٤٠ ـ ٣٤١ ..