لهم : هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله فأعينونا على دفنه ، فلما مات فعلا (١) ذلك ، وأقبل ابن مسعود في ركب من العراق معتمرين (٢) ، فلم يرعهم (٣) إلا الجنازة على قارعة الطريق قد كادت الإبل تطؤها ، فقام إليهم العبد ، فقال : هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله فأعينونا على دفنه ، فأنهل ابن مسعود باكيا وقال (٤) : صدق رسول الله صلى الله عليه وآله ، قال (٥) : تمشي (٦) وحدك ، وتموت وحدك ، وتبعث وحدك ، ثم نزل هو وأصحابه فواروه. هذا بعض ما رواه في الشافي (٧) آخذا من كتبهم المعتبرة (٨).
__________________
(١) في المصدر : فعلوا.
(٢) في الشافي : عمارا ، وفي حاشية المصدر نسخة بدل : معتمرين.
(٣) في المصدر : فلم ترعهم.
(٤) في ( ك ) نسخة بدل : يبكي ويقول ، وهي التي وردت في المصدر.
(٥) في الشافي زيادة : له ، بعد قال.
(٦) في المصدر : تمسي.
(٧) الشافي ٤ ـ ٢٧٩ ـ ٢٨٣ ، باختلاف أشرنا إلى أكثره.
(٨) ولنورد لك تذييلا لبعض ما أورده أعلامهم ، وفيه جوانب كثيرة حرية بالتأمل :
منها : ما ذكره البلاذري في الأنساب ٥ ـ ٣٦ : .. ثم أمر عثمان به ـ أي ابن مسعود ـ فأخرج من المسجد إخراجا عنيفا ، وضرب به عبد الله بن زمعة الأرض ، ويقال : بل احتمله : يحموم ـ غلام عثمان ـ ورجلاه تختلفان على عنقه حتى ضرب به الأرض فدق ضلعه.
وفي لفظ الواقدي : فأخذه ابن زمعة فاحتمله حتى جاء به باب المسجد فضرب به الأرض فكسر ضلعا من أضلاعه ، فقال ابن مسعود : قتلني ابن زمعة الكافر بأمر عثمان!.
ومنها : ما ذكره ابن كثير في تاريخه ٧ ـ ١٦٣ قال : جاءه عثمان في مرضه عائدا ، فقال له : ما تشتكي؟. قال : ذنوبي. قال : فما تشتهي؟. قال : رحمة ربي. قال : ألا آمر لك بطبيب؟. قال : الطبيب أمرضني. قال : ألا آمر لك بعطائك؟ ـ وكان قد تركه سنين! ـ فقال : لا حاجة لي. فقال : يكون لبناتك من بعدك. فقال : أتخشى على بناتي الفقر؟. إني أمرت بناتي .. إلى آخره .. ، ورواه الواقدي والبلاذري بتفصيل ، ومرت في المتن مجملا.
ومنها : ما أخرجه البلاذري ـ من طريق أبي موسى القروي ـ بإسناده : أنه دخل عثمان على ابن مسعود في مرضه .. إلى أن قال : فلما انصرف عثمان قال بعض من حضر : إن دمه لحلال ..! ، فقال ابن مسعود : ما يسرني أنني سددت إليه سهما يخطئه ، وأن لي مثل أحد ذهبا!. وانظر ما ذكره