قتله ، ثم قال : والأول أصح ، لأن عليا عليهالسلام لما ولي الخلافة أراد قتله فهرب منه إلى معاوية بالشام ، ولو كان إطلاقه بأمر ولي الدم لم يتعرض له علي عليهالسلام. انتهى (١).
وإذا تأملت فيما نقلنا لا يبقى لك ريب في بطلان ما أجاب به المتعصبون من المتأخرين ، وكفى في طعنه معارضته أمير المؤمنين عليهالسلام الذي لا يفارق الحق باتفاقهم معه في ذلك ، والله العاصم عن الفتن والمهالك.
أنه حمى الحمى (٢) عن المسلمين ، مع أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
(١) ولنا نماذج كثيرة لتعطيله الحدود ، قصدا أو جهلا ، ستأتي منا مستدركا ، ولعل قصة الوليد بن عقبة ـ الفاسق بنص الكتاب وصريح السنة ، وواليه على الكوفة ، التي مرت في الطعن الأول ـ تعد الفرد الأكمل والمصداق الأتم لهذا المعنى ، إذ لا شبهة في شربه للخمر وسكره وصلاته بالناس صلاة الصبح أربعا في تلك الحال ـ كما في الأنساب ٥ ـ ٣٣ ، وصحيح مسلم وبقية المصادر السالفة ـ وقد التفت إلى المصلين قائلا : أزيدكم ..؟ إلى آخر القصة ، وفيها شهادة الأربعة عليه فأوعدهم عثمان وتهددهم ، وقال لجندب بن زهير ـ أحد الشهود ـ : أنت رأيت أخي يشرب الخمر؟! وغير ذلك ، ومن هنا قالت عائشة بعد ما شهد عندها الشهود : أن عثمان أبطل الحدود وتوعد الشهود. بل نراه قد ضرب بعض الشهود أسواطا ، وقد أقام عليه أمير المؤمنين عليهالسلام الحد بعد ذلك ، انظر القصة مفصلا في مسند أحمد بن حنبل ١ ـ ١٤٤ ، وسنن البيهقي ٨ ـ ٣١٨ ، وتاريخ اليعقوبي ٢ ـ ١٤٢ ، والكامل لابن الأثير ٣ ـ ٤٢ ، وأسد الغابة ٥ ـ ٩١ ، ٩٢ ، والإصابة ٣ ـ ٦٣٨ ، وتاريخ الخلفاء للسيوطي : ١٠٤ ، والسيرة الحلبية ٢ ـ ٣١٤ ، والأغاني ٤ ـ ١٧٨ ـ ١٨٠ ، والعقد الفريد ٢ ـ ٢٧٣.
(٢) لقد أباحت الشريعة الغراء ورسالة السماء جميع منابت العشب ومساقط الغيث ، والمروج والسهول للمسلمين إذا لم يحجر عليها ولم يكن لها مالك خاص ، وعدت من المباحات الأصلية ، ولا يحق لأحد ـ مهما كان وأي كان ـ أن يحمي لنفسه الحمى ويمنع الناس عنه ، وها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذ يقول : المسلمون شركاء في ثلاث : في الكلإ والماء والنار. وقال صلوات الله عليه وآله : ثلاث لا يمنعن : الماء والكلأ والنار ، كما جاء في صحيح البخاري ٣ ـ ١١٠ ، الأموال لابن عبيدة : ٢٩٦ ، سنن أبي داود ٢ ـ ١٠١ ، سنن ابن ماجة ٢ ـ ٩٤ وغيرها. نعم كانت هناك سنة