ثم إن الشافعي (١) ذهب إلى أن قصر الصلاة رخصة ليس بعزيمة ، لقوله تعالى : ( فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ ) (٢) ، وقال : والقصر أفضل.
وقال مالك (٣) وأبو حنيفة (٤) : إنه عزيمة (٥) ، ويدل عليه من طرق الجمهور روايات كثيرة ، ونفي الجناح لا ينافي كون القصر عزيمة ، وسيأتي القول فيه في بابه (٦) ، مع أن القول بالتخير لا ينفع في دفع الطعن عنه ، إذ لو كان له سبيل إليه لما اعتذر بالأعذار الواهية كما عرفت ، بل يظهر من إعراض المعترض والمعتذر عنه رأسا اتفاق (٧) الأصحاب على بطلانه.
جرأته على الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ومضادته له، فقد حكى العلامة رحمه الله في كتاب كشف الحق (٨) ، عن الحميدي (٩) ، قال : قال السدي في تفسير قوله
__________________
، باب كراهية البنيان بمنى ، ومستدرك الحاكم ١ ـ ٤٦٧ كتاب الحج ، باب منى مناخ من سبق.
(١) الأم للشافعي ١ ـ ١٧٩ ـ صدر المسألة ، المبسوط للسرخسي ١ ـ ٢٣٩ ، بداية المجتهد ١ ـ ١٦٦ ، القوانين الفقهية : ٨٢ ، المجموع ٤ ـ ٣٣٥ ، ٣٣٦ ، ٣٣٩ وغيرها.
(٢) سورة النساء : ١٠١.
(٣) كما جاء في المجموع ٤ ـ ٣٣٧.
(٤) ذكره في بداية المجتهد ١ ـ ١٦٦ ، والمبسوط ١ ـ ٢٣٩ ، والمجموع ٤ ـ ٣٣٧ ، والقوانين الفقهية : ٨٢. وغيرها.
(٥) بل ذهب عمر وابنه وابن عباس وجابر وجبير بن مطعم والحسن والقاضي إسماعيل وحماد بن سليمان وعمر بن عبد العزيز وقتادة والكوفيون إلى أن القصر واجب ، كما في تفسير القرطبي ٥ ـ ٣٥١ ، وتفسير الخازن ١ ـ ٤١٣ وغيرهما.
(٦) بحار الأنوار ٨٩ ـ ١ وما بعدها ، ولاحظ صفحة : ١١٠ ـ ١١٦ من المجلد الثامن من الغدير ، و ٨ ـ ١٨٥ منه.
(٧) في ( س ) : لاتفاق.
(٨) نهج الحق وكشف الصدق : ٣٠٤ ـ ٣٠٥ ، باختلاف أشرنا لبعضه.
(٩) في كتابه الجمع بين الصحيحين ، ولا زال ـ حسب علمنا ـ مخطوطا.