ما ذكره في روضة الأحباب (١) أنه لما حج في سنة ست وعشرين من الهجرة أمر بتوسيع المسجد الحرام ، فابتاع دار من رضي بالبيع من الساكنين في جوار المسجد ، ومن لم يرض به أخذ داره قهرا ، ثم لما اجتمعوا إليه وشكوا (٢) وتظلموا أمر بحبسهم حتى كلمهم فيهم عبد الله بن خالد بن الوليد فشفعه فيهم وأطلقهم (٣).
ولا ريب في أن غصب الدور وجعلها مسجدا حرام في الشريعة باتفاق المسلمين.
إنه لم يتمكن من الإتيان بالخطبة ، فقد روي في روضة الأحباب (٤) أنه لما كان أول جمعة من خلافته صعد المنبر فعرضه العي فعجز عن أداء الخطبة وتركها ، فقال : ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) : أيها الناس! ( سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً ) وبعد عي نطقا ، وإنكم إلى إمام فعال أحوج منكم إلى إمام قوال ، أقول قولي واستغفروا
__________________
(١) روضة الأحباب .. انظر : التعليقة رقم (٤) من صفحة : ٥٣٣ ، من المجلد السالف (٣٠).
(٢) لا توجد : وشكوا ، في ( س ).
(٣) هذا ما ذكره أصحاب التواريخ ، فقد نص عليه الطبري في تاريخه ٥ ـ ٤٧ حوادث سنة ٢٦ ه ، واليعقوبي في تاريخه ٢ ـ ١٤٢ ، وابن الأثير في الكامل ٣ ـ ٣٦ ، قال الأول : وفيها زاد عثمان في المسجد الحرام ووسعه وابتاع من قوم وأبى آخرون ، فهدم عليهم ووضع الأثمان في بيت المال ، فصاحوا بعثمان ، فأمر بهم الحبس!.
وقد سبقه بذلك سابقه عمر وزيادته في المسجد ومحاكمة العباس بن عبد المطلب معه وإباؤه عن إعطاء داره ، ورواية أبي بن كعب وأبي ذر الغفاري وغيرهما سلف منا مجملا.
أقول : أخرج البلاذري في الأنساب ٥ ـ ٣٨ من طريق مالك ، عن الزهري ، قال : وسع عثمان مسجد النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم فأنفق عليه من ماله عشرة آلاف درهم ، فقال الناس : يوسع مسجد رسول الله ويغير سنته!.
(٤) روضة الأحباب : لاحظ التعليقة رقم (١).