وذلك إما لغلبة الغباوة حيث لم يأخذ في طول الصحبة إلا نحوا مما ذكر ، أو لقلة الاعتناء برواية كلام الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكلاهما يمنعان عن استيهال الخلافة والإمامة (١).
اعلم أن عبد الحميد بن أبي الحديد بعد ما أورد مطاعن عثمان أجاب عنها إجمالا ، فقال (٢) : إنا لا ننكر أن عثمان أحدث أحداثا أنكرها كثير من المسلمين ، ولكنا ندعي مع ذلك أنها لم تبلغ درجة الفسق ، ولا أحبطت ثوابه ، وأنها من الصغائر المكفرة ، وذلك لأنا قد علمنا أنه مغفور له ، وأنه من أهل الجنة لثلاثة أوجه :
أحدها : أنه من أهل بدر ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] : إن الله اطلع على أهل بدر ، فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. وعثمان وإن لم يشهد بدرا لكنه تخلف على رقية بنت رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] ، وضمن (٣) رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] لسهمه وأجره باتفاق سائر الناس.
والثاني : أنه من أهل بيعة الرضوان الذين قال الله تعالى فيهم : ( لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ) (٤) ، وهو وإن لم يشهد تلك البيعة ولكنه كان رسول رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] إلى أهل مكة ، ولأجله كانت بيعة الرضوان ، حيث أرجف بأن قريشا قتلت عثمان ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن كانوا قتلوه لأضرمنها عليهم نارا ، ثم جلس تحت الشجرة ، وبايع
__________________
(١) في ( ك ) : الإمام ، وجعل لفظ : الإمامة ، نسخة بدل.
(٢) شرح نهج البلاغة ٣ ـ ٦٨ ـ ٦٩ بتصرف واختصار.
(٣) في المصدر : وضربه له.
(٤) سورة الفتح : ١٨.