فقلت : يا عم! ما لي أراك لا تخطو إلا خطوا قريبا. قال : عمل ابن عفان ، حملني على مركب وعر وأمر بي أن أتعب ، ثم قدم بي عليه ليرى في رأيه. قال : فدخل به على عثمان ، فقال له عثمان : لا أنعم الله لك عينا يا جنيدب .. وساق الحديث كما مر برواية ابن أبي الحديد.
ثم قال أبو الصلاح (١) رحمهالله : وذكر الواقدي في تاريخه (٢) ، عن صهبان مولى الأسلميين ، قال : رأيت أبا ذر يوم دخل به على عثمان عليه عباء مدرعا قد درع بها على شارف حتى أنيخ به على باب عثمان. فقال : أنت الذي فعلت وفعلت؟!. فقال : أنا الذي نصحتك فاستغششتني ، ونصحت صاحبك فاستغشني .. وساق الحديث كما رواه ابن أبي الحديد .. إلى قوله ، قال : امض على وجهك هذا ولا تعدون الربذة ، فخرج أبو ذر إلى الربذة ، فلم يزل بها حتى توفي.
وذكر الثقفي في تاريخه ، عن سالم بن أبي الجعد ، قال : خطب عثمان الناس ثم قال فيها : والله لأوثرن بني أمية ، ولو كان بيدي مفاتيح الجنة لأدخلنهم (٣) إياها ، ولكني سأعطيهم من هذا المال على رغم أنف من رغم.
فقال عمار بن ياسر : أنفي والله ترغم من ذلك.
قال عثمان : فأرغم الله أنفك.
__________________
(١) في تقريب المعارف ـ القسم الثاني الخاص بمطاعن الثلاثة وغيرهم ولم يطبع ـ وجاء في القسم الأول منه في صفحة : ١٦٥ ومنها : إخراج أبي ذر إلى الشام لأمره بالمعروف ، ثم حمله من الشام لإنكاره على معاوية خلافه للكتاب والسنة مهانا معسفا ، واستخفافه به ، ونيله من عرضه وتسميته بالكذاب مع شهادة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم له بالصدق ، ونفيه عن المدينة إلى الربذة حتى مات بها رحمهالله تعالى مغربا.
(٢) لم نحصل على تاريخ الواقدي إلا ما نقل عنه في المصادر السالفة ، ولكن ورد في كتاب المغازي للواقدي ٣ ـ ١٠٠٠ ـ ١٠٠١ روايات حول أبي ذر وحياته طاب ثراه.
(٣) في ( س ) : لأدخلتهم.