عليه وآله أشد على عثمان من عبد الرحمن بن عوف حتى مات ، ومن سعد بن أبي وقاص حتى مات عثمان وأعطى الناس الرضى ، ومن طلحة وكان أشدهم ، فإنه لم يزل كهف المصريين وغيرهم يأتونه بالليل يتحدثونه عنده إلى أن جاهدوا فكان ولي الحرب والقتال وعمل المفاتيح على بيت المال ، وتولى الصلاة بالناس ومنعه ومن معه من الماء ، ورد شفاعة علي عليه السلام في حمل الماء إليهم ، وقال له : لا والله ولا نعمت عين ولا بركت ولا يأكل ولا يشرب حتى يعطي بنو أمية الحق من أنفسها.
وروى قوله لمالك بن أوس وقد شفع إليه في ترك التأليب على عثمان ـ :يا مالك! إني نصحت عثمان فلم يقبل نصيحتي وأحدث أحداثا وفعل أمورا ولم نجد بدا من أن تغيرها (١) ، والله لو وجدت من ذلك بدا ما تكلمت ولا ألبت (٢).
وذكر الواقدي في تاريخه ، قال : عتب عثمان على الزبير ، فقال : ما فعلت ولكنك صنعت بنفسك أمرا قبيحا ، تكلمت على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله بأمر أعطيت الناس فيه الرضا ، ثم لقيك مروان وصنعت ما لا يشبهك ، حضر الناس يريدون منك ما أعطيتهم ، فخرج مروان فآذى وشتم ، فقال له عثمان : فإني أستغفر الله.
وذكر في تاريخه : أن عثمان أرسل سعيد بن العاص إلى الزبير فوجده بأحجار
__________________
(١) كذا ، والظاهر : نغيرهما.
(٢) ذكر البلاذري في الأنساب ٥ ـ ٤٤ أن طلحة قال لعثمان : إنك أحدثت أحداثا لم يكن الناس يعهدونها. فقال عثمان : ما أحدثت أحداثا ولكنكم أظناء تفسدون علي الناس وتؤلبوهم.
أقول : التأليب : التحريض ، كما في صحاح اللغة ١ ـ ٨٨ ، والقاموس ١ ـ ٣٧.
(٣) قال ابن أبي الحديد في شرح النهج ٢ ـ ٤٠٤ : كان طلحة من أشد الناس تحريضا عليه ( أي على عثمان ) وكان الزبير دونه في ذلك ، رووا أن الزبير كان يقول : اقتلوه فقد بدل دينكم ، فقالوا له : إن ابنك يحامي عنه بالباب. فقال : ما أكره أن يقتل عثمان ولو بدئ بابني ، إن عثمان لجيفة على الصراط غدا.
وانظر ما قاله في ٢ ـ ٥٠٠ و ٣ ـ ٢٩٠.