أنه أوصى بدفنه في بيت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وكذلك تصدى لدفن أبي بكر هناك ، وهو تصرف في ملك الغير من غير جهة شرعية ، وقد نهى الله الناس عن دخول بيته صلىاللهعليهوآلهوسلم من غير إذن بقوله : ( لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ ) (١) ، وضربوا المعاول عند أذنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال تعالى : ( لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ ) (٢). وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : حرمة المسلم ميتا كحرمته (٣) حيا (٤).
وتفصيل القول في ذلك ، أنه ليس يخلو موضع قبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من أن يكون باقيا على ملكه أو يكون انتقل في حياته إلى عائشة كما ادعاه بعضهم فإن كان الأول لم يخل (٥) من أن يكون ميراثا بعده أو صدقة ، فإن كان ميراثا فما كان يحل لأبي بكر وعمر من بعده أن يأمرا بدفنهما فيه إلا بعد إرضاء الورثة ، ولم نجد أحدا خاطب أحدا من الورثة على ابتياع هذا المكان ولا استنزله (٦) عنه بثمن ولا غيره ، وإن كان صدقة فقد كان يجب أن يرضى عنه جماعة المسلمين ، وابتياعه (٧) منهم إن جاز الابتياع لما يجري هذا المجرى ، وإن كان نقل في حياته فقد كان يجب أن يظهر سبب انتقاله والحجة فيه ، فإن فاطمة عليهاالسلام لم يقنع
__________________
(١) الأحزاب : ٥٣.
(٢) الحجرات : ٢.
(٣) في مطبوع البحار : كحرمة ـ بلا ضمير ـ.
(٤) هذا ما تسالم عليه الفريقان ، وجاء في سنن الدارمي في كتاب المناسك : ٧٦ وغيره.
(٥) في ( س ) : لم يزل.
(٦) الكلمة مشوشة في المطبوع من البحار.
(٧) في ( س ) : يبتاعه.