رابعها : ما ذكره في تهذيب الاصول وهو « إنّه عبارة عن قضيّة غير مذكورة مستفادة من القضيّة المذكورة عند فرض انتفاء أحد قيود الكلام ».
ويرد عليه أيضاً : أنّه غير جامع لمفهوم الموافقة ؛ لأنّها لا تستفاد من انتفاء أحد قيود الكلام كما لا يخفى ، مضافاً إلى أنّ الأولى هو التعبير بالحكم بدل كلمة « القضيّة » حيث إنّها تعبير منطقي أو فلسفي ، والاصولي يطلب في المسائل الاصوليّة الحكم لا القضيّة.
ثمّ إنّه قد ظهر ممّا ذكرنا أنّ ظاهر كلمات القوم أنّهم في مقام بيان تعريف حقيقي جامع ومانع ، لا مجرّد شرح الاسم ، ولذلك يتصدّون للنقض والإبرام وإثبات أنّ هذا القيد داخل وأنّ ذاك خارج كما مرّ كراراً ، وحينئذٍ فقول المحقّق الخراساني رحمهالله في ما نحن فيه من « أنّه لا موقع لما قد وقع في تعريف المفهوم من النقض والإبرام بين الأعلام ؛ لأنّه من قبيل شرح الاسم » في غير محلّه.
الحقّ أنّ البحث في المفاهيم من أوضح المباحث اللفظيّة ؛ لأنّ المدلول الالتزامي من أقسام الدلالات اللفظيّة ، ومن العجب ما ذكره في المحاضرات من « أنّ للمفاهيم حيثيتين واقعيتين فمن إحداهما تناسب أن تكون من المسائل الاصوليّة العقليّة ، ومن الاخرى تناسب أن تكون من المسائل الاصوليّة اللفظيّة ، وذلك لأنّه بالنظر إلى كون الحاكم بانتفاء المعلول عند انتفاء العلّة هو العقل فحسب فهي من المسائل الاصوليّة العقليّة ، وبالنظر إلى كون الكاشف عن العلّة المنحصرة هو الكاشف عن لازمها أيضاً فهي من المسائل الاصوليّة اللفظيّة لفرض أنّ الكاشف عنها هو اللفظ كما عرفت ، فإذن يكون المفهوم مدلولاً للفظ التزاماً » (١) ، مع تصريحه بأنّ دلالة اللفظ على المفهوم إنّما يكون بالالتزام ، والدلالة الالتزاميّة من أقسام الدلالة اللفظيّة.
وإن شئت قلت : كون المدلول الالتزامي بيّناً يوجب ظهوراً عرفيّاً للفظ في المدلول المفهومي الالتزامي ، وحينئذٍ يستظهر المفهوم من اللفظ فهي من المسائل اللفظيّة فقط فتأمّل.
__________________
(١) المحاضرات ، ج ٥ ، ص ٥٨ ـ ٥٩.