تنبيهات
التنبيه الأوّل : في إثبات أصل موضوعي يعيّن به حال الفرد المشتبه في المقام ( فقد كان الكلام إلى هنا مفروضاً فيما إذا لم يكن هناك أصل موضوعي ( كالاستصحاب ) يعيّن به حال الفرد المشتبه حتّى يندرج تحت الخاصّ أو العام ).
إذا كان للفرد المشتبه حالة سابقة كالعدالة أو الفسق في مثال « أكرم العلماء » يجري استصحابها فيثبت به كونه عادلاً أو فاسقاً فيحكم بوجوب إكرامه أو حرمته بلا إشكال ، وأمّا إذا لم يكن له حالة سابقة فتمسّك بعض حينئذٍ باستصحاب عدم النسبة من الأزل ، وهو يسمّى باستصحاب العدم الأزلي كاستصحاب عدم القرشيّة ، فهناك عام دلّ على أنّ المرأة تحيض إلى خمسين ، وخاصّ دلّ على أنّ القرشيّة تحيض إلى ستّين ، فإذا شكّ في امرأة أنّها قرشيّة أو غير قرشيّة فباستصحاب عدم النسبة بينها وبين قريش من الأزل تخرج المرأة من عنوان القرشيّة وتبقى تحت العام فيكون حيضها إلى خمسين.
إن قلت : أنّه معارض باستصحاب عدم النسبة بينها وبين غير قريش.
قلنا : إنّ النسبة بينها وبين غير قريش ممّا لا أثر له شرعاً كي يجري استصحاب عدمها ، فيكون أحد الاستصحابين حجّة والآخر غير حجّة.
وقال المحقّق صاحب الكفاية بإمكان إحراز حال الفرد المشتبه بهذا الأصل في جميع الموارد إلاّ ما شذّ ، وهو ما إذا تبادل الحالتان ولم يعلم السابق من اللاحق فحينئذٍ لا يمكن استصحاب عدم النسبة بينه وبين الفسق من الأزل مثلاً بعد العلم الإجمالي بانتقاض عدم النسبة وتبدّله إلى الوجود قطعاً.
أقول : الحقّ عدم حجّية استصحاب العدم الأزلي لورود إشكالات عديدة عليه :
الأوّل : ( ولعلّه أهمّها ) كون القضيّة السالبة بانتفاء الموضوع الصادقة هنا غير عرفيّة ، فلا يصحّ عند العرف أن يقال مثلاً : « ليس لولدي ثوب » ثمّ يقال عند السؤال عن وجهه : « لأنّه ليس لي ولد » بل يحمل العرف هذا الكلام على الاضحوكة والمزاح ، وبالجملة أنّ أدلّة