المستفاد من بعض الكلمات وجود التسالم على كونها اصوليّة ، ولكن الحقّ أنّها من مبادىء الاصول ؛ لأنّها تبحث عن صغرى الظهور ، وأنّه هل يكون لمنطوق القضيّة الشرطيّة ـ مثلاً ـ ظهور في المفهوم أو لا؟ والمسألة الاصوليّة في الحقيقة إنّما هي حجّية الظواهر ؛ ، لأنّ موضوع علم الاصول هو « الحجّة » والبحث في مسائلها يدور مدار حجّية الدليل ، وأنّه هل يكون هذا الظهور ـ مثلاً ـ حجّة أو لا؟
توضيح ذلك : أنّه لابدّ في فهم معنى خاصّ من لفظ خاصّ والاحتجاج به على المقصود من طيّ مقدّمات عديدة :
إحداها : البحث عن مفاد مادّة اللفظ لغةً كمادّة الوفاء في قوله تعالى ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) مثلاً ، ونرجع فيها إلى كتب اللغة.
ثانيتها : البحث عن مفاد هيئة اللفظ المفرد وصيغته وهي صيغة « أوفوا » التي في المثال ، وفيها نرجع إلى علم الصرف.
ثالثتها : البحث عن مفاد هيئة الجملة ، أي هيئة « أوفوا بالعقود » وأنّها ظاهرة في أي شيء؟
ولابدّ فيها من الرجوع إلى علم النحو.
ثمّ بعد طيّ هذه المقدّمات يبحث رابعاً في أنّه هل يمكن أن يكون هذا الظهور دليلاً للحكم الشرعي وحجّة عليه أو لا؟
لا إشكال في أنّ البحث الأخير من المسائل الاصوليّة ، ولابدّ فيه من الرجوع إلى علم الاصول ، ولازم هذا أن يكون البحث عن المفاهيم وكذلك الأوامر والنواهي خارجاً عن مسائل علم الاصول ودخلاً في مباديه ، وأمّا وقوعه في علم الاصول فهو ليس دليلاً على كونها من مسائله ، بل لعلّه من باب عدم استيفاء البحث عنها في العلوم اللائقة بها.
ظهر ممّا ذكرناه من التعريف للمفهوم أنّه من صفات المعنى والمدلول لا الدلالة ، فإنّه عرّف بأنّه « حكم غير مذكور » ، كما أنّ المنطوق أيضاً من صفات المدلول حيث إنّه حكم مذكور كذلك.