الكلام في مسألة وجوب الفحص وأنّه هل يجوز التمسّك
بالعام قبل الفحص عن المخصّص أو لا؟
والبحث فيه يقع في مقامين : المخصّص المتّصل والمخصّص المنفصل ، حيث إن المخصّص المتّصل أيضاً داخل في البحث عندنا خلافاً لما ذكر في الكفاية والتهذيب.
المشهور على عدم جواز الرجوع إلى العام قبل الفحص عنه وادّعى عليه الإجماع ، وعليه عمل الفقهاء كلّهم ( رضوان الله عليهم ) في أبواب الفقه ، نظير عموم قوله تعالى : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) الذي يحتمل فيه ورود مخصّصات ، فلا يستدلّ فقيه به في الموارد المشكوكة قبل الفحص عن تلك المخصّصات ، وكذلك قوله تعالى : ( وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاةِ ) (١) إذا شككنا مثلاً في خروج من يكون السفر عمله أو من يكون عاصياً في سفره أو يكون مقيماً للعشرة ، فلا يتمسّك بذلك العموم قبل الفحص ، إلى غير ذلك من أشباهها.
فأصل وجوب الفحص ممّا لا إشكال فيه ، إنّما الكلام في دليله كيما تتحدّد به دائرة الفحص وتتعيّن به مقداره.
فنقول : قد ذكر هنا وجوه أبعة :
الوجه الأوّل : ما ذكره المحقّق الخراساني رحمهالله في الكفاية وتبعه كثير من الأعلام ، وحاصله :
__________________
(١) سورة النساء : الآية ١٠١.