الكلام في الخطابات الشفاهيّة
لا شكّ في أنّ هناك عمومات وردت في الكتاب والسنّة على نهج الخطابات الشفاهيّة كقوله تعالى : ( يا أيّها الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (١) وقوله : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ) (٢) ، كما لا إشكال أيضاً في أنّها تشمل جميع صيغ التخاطب حتّى صيغ التخاطب من الأوامر والنواهي.
إنّما الإشكال والنزاع يقع فيها في ثلاث مقامات :
المقام الأوّل : في أنّ التكليف الوارد في الخطابات الشفاهيّة هل يصحّ تعلّقه بالمعدومين أو لا؟
المقام الثاني : في توجيه الخطاب إلى المعدومين هل يصحّ حقيقة أو لا؟
المقام الثالث : في أنّ أدوات التخاطب لماذا وضعت؟
يستفاد من كلمات المحقّق الخراساني رحمهالله جريان النزاع في جميع الثلاثة ، وصرّح في هامش أجود التقريرات بأنّه جارٍ في خصوص المقام الثالث ، والحقّ هو الأوّل ، فالنزاع جارٍ في جميع المقامات بل لا معنى للبحث عن المقام الثالث بدون البحث عن المقام الأوّل والثاني.
أمّا المقام الأوّل : ففصّل المحقّق الخراساني رحمهالله فيه بين ما إذا كان التكليف فعلياً فلا يمكن حينئذٍ تكليف المعدوم عقلاً ، وبين ما إذا كان التكليف إنشائيّاً فيجوز ، لأنّ الإنشاء خفيف المؤونة نظير إنشاء الوقف على البطون المتعدّدة ، فإنّ المعدوم منهم يصير مالكاً للعين الموقوفة بعد وجوده ، بإنشاء الواقف حين ما وقف ، لا بانتقال العين إليه من البطن السابق.
__________________
(١) سورة المائدة : الآية ١.
(٢) سورة البقرة : الآية ١٨٣.