وقد ذكر لها ثمرتان ، وينبغي قبل بيانهما الإشارة إلى أنّ الثمرة في هذه المسألة لا تظهر بالإضافة إلى التكاليف التي صدرت من الشارع بغير أداة الخطاب لكفاية أدلّة اشتراك التكليف فيها بعد عدم اختصاصها بالموجودين في عصر النبي صلىاللهعليهوآله.
الثمرة الاولى : حجّية ظهور الخطابات المشافهة للغائبين والمعدومين كالمشافهين على القول بالتعميم ، وإلاّ فلا يكون ذلك حجّة بالنسبة إليهم ، وهي مبنيّة على صغرى وكبرى ، أمّا الكبرى فهي اختصاص حجّية الظواهر بمن قصد إفهامه ، وأمّا الصغرى فهي أنّ غير المشافهين ليسوا مقصودين بالإفهام.
والأكثر استشكلوا على الكبرى فقط ، ولكن يمكن الإشكال أيضاً على الصغرى.
أمّا الإشكال على الكبرى فهو أنّه مبني على اختصاص حجّية الظواهر بالمقصودين بالإفهام وقد حقّق في محلّه عدم الاختصاص بهم ، وسيأتي بيانه في محلّه إن شاء الله تعالى.
وأمّا الإشكال على الصغرى فهو أنّ الملازمة بين التخاطب والمقصوديّة بالإفهام ممنوع بل الظاهر أنّ الناس كلّهم إلى يوم القيامة مقصودون بالإفهام وإن لم يعمّهم الخطاب.
أقول : وهذا أشبه شيء بالنداءات التي تطبع في الصحف التي يكون المخاطب فيها شخص أو أشخاص معيّنين مع أنّ المقصود بالإفهام فيها جميع الناس ، بل قد يتّفق عدم كون المخاطب مقصوداً ويكون المقصود غير المخاطب من باب « إيّاك أعني واسمعي ياجارة ». فتلخّص من جميع ذلك عدم تماميّة هذه الثمرة.
لكن يمكن توجيه هذه الثمرة من حيث الصغرى والكبرى ، أمّا الكبرى فلأنّ وظيفة المتكلّم إنّما هي إقامة القرائن للمقصودين بالإفهام فقط وليس من وظيفته إقامتها لمن لم يقصد إفهامه ، وحينئذٍ لو احتملنا ( احتمالاً عقلائياً ) وجود قرينة في البين قد ذكرها المتكلّم للمقصودين بالإفهام ولم تصل إلى غيرهم كما إذا قال المتكلّم مثلاً : « اشتر لي جنساً من الأجناس الموجودة في السوق الفلاني » واحتملنا وجود قرينة في البين قد فقدت وكانت دالّة على أنّ مراد المتكلّم جنس خاصّ من تلك الأجناس ، فحينئذٍ يشكل القول بحجّية كلامه وجواز التمسّك بإطلاقه لغير المقصودين بالإفهام مشكل جدّاً.
نعم ، لو لم يكن هناك قرينة في البين أخذ بظهوره كلّ من وصل إليه كما يحكى ذلك في قضية