١ ـ الكلام في مفهوم الشرط
هل للجملة الشرطيّة مفهوم ، أو لا؟
اختلف الأصحاب في دلالتها على المفهوم وعدمها ، والتحقيق في حلّ المسألة ملاحظة ما ينشأ منه المفهوم ، أي ملاحظة الخصوصيّات الموجودة في المنطوق التي يمكن أن يفهم منها المفهوم.
فنقول : من الخصوصيّات المذكورة في كلماتهم في هذه الجهة خصوصيّة أدوات الشرط ، فقد يدّعى أنّ أداة الشرط وضعت للدلالة على علّية الشرط للجزاء عليه منحصرة ، وهي تقتضي انتفاء الجزاء عند انتفاء الشرط ، وهذا هو المفهوم.
ولكن الحقّ والإنصاف أنّ أداة الشرط وضعت لمطلق العلقة والملازمة بين الشرط والجزاء في الوجود سواء كانت من قبيل الملازمة الموجودة بين العلّة والمعلول ، أو الملازمة الموجودة بين معلولي علّة واحدة ، وسواء كانت العلّية منحصرة أو غير منحصرة.
توضيح ذلك : أنّه تارةً لا يكون بين الشرط والجزاء ملازمة ، بل المقارنة بينهما اتّفاقية ، كما ورد في قول الفرزدق في حقّ الإمام زين العابدين عليهالسلام : ياهشام « إن كنت لا تعرفه فإنّي أعرفه » ونحو قولك : « إن لم تكن جائعاً فإنّي جائع » ، واخرى توجد بينهما ملازمة لكنّها ليست من باب الملازمة بين العلّة والمعلول بل من باب الملازمة بين معلولي علّة واحدة ، نحو « إن جاء النهار ذهب الليل » ونحو « إن طال الليل قصر النهار » حيث إن كلّ واحد من الشرط والجزاء في كلا المثالين يكون معلولاً لعلّة واحدة كما لا يخفى ، أو يكون من باب الملازمة بين العلّة والمعلول لكن العلّة فيها هو الجزاء ، والمعلول هو الشرط ، نحو « إذا جاء النهار طلعت الشمس.
وثالثة : يكون الترتّب من باب ترتّب المعلول على العلّة ، لكن العلّية ليست منحصرة في الشرط ، نحو « إذا بلغ الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء » فإنّ علّة عاصميّة الماء ليست منحصرة في