الكلام في تخصيص العام بالمفهوم
ينبغي قبل الورود في أصل البحث ذكر تقسيمات وردت في المفهوم ، فنقول : إنّه على قسمين : مفهوم الموافقة ، وهو ما كان بينه وبين المنطوق توافق في السلب والإيجاب ، ومفهوم المخالفة ، وهو ما كان بينه وبين المنطوق تخالف في السلب والإيجاب ، وأضاف بعض تقسيمين آخرين.
أحدهما : أنّ الموافق تارةً يكون بالأولويّة ، ومثاله معروف وهو قوله تعالى : ( فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ ) الذي مفهومه النهي عن الضرب بطريق أولى ، واخرى يكون بالمساواة نحو « لا تشرب الخمر لأنّه مسكر » الذي يشمل بالمفهوم سائر أفراد المسكر بالمساواة.
ثانيهما : أنّ كلاً من المساواة والأولويّة أيضاً على قسمين ، فالمساواة تارةً تكون من قبيل منصوص العلّة ، واخرى تكون من قبيل مستنبط العلّة ، والأولويّة تارةً عقليّة فتدخل في المفهوم ، واخرى تكون عرفيّة فتدخل في المنطوق ، فالمثال المعروف ( فلا تقل لهما افّ ) حيث إن الأولويّة فيه عرفيّة داخلة في المنطوق لا المفهوم.
لكن يمكن النقاش هنا بوجوه :
الوجه الأوّل : تقسيم مفهوم الموافقة إلى الأولويّة والمساواة لا يكون تامّاً لأنّ منصوص العلّة في المساواة لا ينطبق عليه تعريف المفهوم ، لأنّ المفهوم هو حكم غير مذكور ، مع أنّ ذكر العلّة في منصوص العلّة نحو « لا تشرب الخمر لأنّه مسكر » يكون بمنزلة الحكم بأنّ كلّ مسكر حرام ، ولكنّه حذف وقدّر لوضوحه ، فلا يعدّ حكماً غير مذكور. وبعبارة اخرى : الحكم هنا مركّب من صغرى وكبرى ، والصغرى وهو قوله : « لأنّه مسكر » مذكور في الكلام ، وأمّا الكبرى وهو قوله : « كلّ مسكر حرام » فحذفت لوضوحها ، فهي مقدّره في الكلام ، والمقدّر كالمذكور ، ولذلك سمّي هذا القسم بمنصوص العلّة ، يعني الحكم الذي نصّ بعلّته ، وأمّا في مثال