المختار في المسألة : التفصيل بين الحالات المختلفة للشرط ، فنقول مقدّمة : لا شكّ في دلالة القضيّة الشرطيّة على الأقلّ على انتفاء الجزاء عند انتفاء الشرط في الجملة بالتبادر والوجدان ، وإلاّ لو كان الحكم ثابتاً على أي تقدير لاستلزم كون تعليقه على الشرط لغواً كما لا يخفى.
إذا عرفت هذا فاعلم : إنّه لا شكّ في دلالة القضيّة الشرطيّة على المفهوم والعلّية المنحصرة فيما إذا كان الشرط من ضدّين لا ثالث لهما ، نحو « المخبر إن كان فاسقاً فتبيّن » حيث إنّه لا يتصوّر بالنسبة إلى المخبر حالة اخرى غير الفسق والعدل فلا ثالث لهما فيه ، فإنّ مقتضى دلالة القضيّة الشرطيّة على الانتفاء عند الانتفاء في الجملة دلالتها على المفهوم في هذه الصورة كما لا يخفى ، ونظير المثال المزبور قولك : « الإنسان إن كان مسافرا فعليه القصر » أو « إن كان مستطيعاً فعليه الحجّ » حيث لا ثالث للمسافر والحاضر ، ولا للمستطيع وغير المستطيع.
وأمّا إذا كان للشرط حالات عديدة كما في قوله عليهالسلام « إذا بلغ الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء » حيث يتصوّر للماء إذا لم يكن كرّاً أن يكون مطراً أو جارياً أو ماء بئر أو غيره ، فهو بنفسه على صورتين فتارةً يوجد فيها قدر متيقّن كالماء القليل في المثال ، فلا شكّ أيضاً في دلالة القضيّة الشرطيّة حينئذٍ على المفهوم بالنسبة إليه ، وإلاّ يلزم اللغويّة ورفع اليد عن دلالتها على الانتفاء عند الانتفاء في الجملة ، واخرى لا يوجد فيها قدر متيقّن كأن يقول الشارع « إذا دخل شهر رمضان فصوموا » حيث نعلم أنّ لرمضان دخلاً في حكم الصّيام ، وهو ينتفي عند انتفائه إجمالاً ، وإلاّ كان الصّيام واجباً في تمام أيّام السنة ولم يكن تعليقه بدخول شهر رمضان صحيحاً ( كما لا يصحّ تعليق وجوب الصّلاة مثلاً بدخوله ، فيقال : « إذا دخل شهر رمضان فصلّوا » لوجوب الصّلاة في جميع أيّام السنة ) ، ففي هذه الصورة لا مفهوم صريحاً مشخّصاً للقضيّة لعدم تصوّر قدر متيقّن فيها بل لها مفهوم مبهم إجمالي لا يستفاد منه حكم متعيّن مخالف للمنطوق ، فنعلم إجمالاً في المثال المزبور عدم وجوب الصّيام في بعض شهور السنة.
فظهر أنّ الحقّ في المسألة هو التفصيل بين الصورتين الأوّليين والصورة الثالثة وثبوت المفهوم في الأوليين وعدمه في الثالثة.
ويمكن تقرير هذا ببيان آخر مرّ تفصيله في البحث عن الواجب المشروط والبحث عن حقيقة مفهوم « إنْ » الشرطيّة ( وباللغة الفارسيّة مفهوم « اگر » ) فقد قلنا هناك أنّ حقيقة هذه