تاريخ ومن أيّ شخص مثلاً بل وضع اللفظ لذوات الأفراد فقط ، وأمّا كلمة زيد فهي وضعت للفرد بما هو فرد وللشخص بما هو متشخّص ومتعيّن عن سائر الافراد ، كذلك في ما نحن فيه ، فإنّ الأسد وضع لذلك الحيوان المتعيّن خارجاً من دون أن يكون لتعيّنه دخل في الموضوع له ، وأمّا الاسامة فإنّها وضعت لذلك المتعيّن بما هو متعيّن وممتار عن سائر الأجناس.
إن قلت : ما هو حكمة الوضع حينئذٍ ، قلنا : لا يبعد أن تكون الحكمة في ذلك أنّه كما أنّا قد نحتاج في الاستعمال أن ننظر إلى ذلك الحيوان المفترس ( مثلاً ) ونلاحظه من دون لحاظ تميّزه عن سائر الحيوانات بل يكون النظر إلى مجرّد الماهيّة ، فلا بدّ من وضع لفظ يدلّ على نفس الماهيّة فقط ، كذلك قد نحتاج إلى النظر إليه بوصف تميّزه عن سائر الأجناس ، فنحتاج حينئذٍ إلى وضع لفظ للماهيّة بوصف تميّزها وتعيّنها ، فتأمّل.
ثمّ إنّ الظاهر أنّ علم الجنس أيضاً يقع مصبّاً للإطلاق والتقييد كاسم الجنس من دون إشكال.
وقد عرفت في مبحث العام والخاصّ أنّ الألف واللام تارةً تكون لتعريف الجنس ، واخرى للاستغراق وثالثة للعهد ، ولا يخفى أنّه يأتي في القسم الأوّل ما مرّ من السؤال والجواب المذكور في علم الجنس ، ولذلك ذهب المحقّق الخراساني رحمهالله إلى أنّها للتزيين لا للتعريف ، ولكن بناءً على ما بيّناه في علم الجنس يظهر لك الحكم هيهنا أيضاً لأنّه حينئذٍ يكون الفرق بين « إنسان » و « الإنسان » مثلاً أنّ الأوّل يدلّ على مجرّد ماهيّة الإنسان من دون أن يلاحظ تميّزه عن سائر الأجناس والموجودات ، وأمّا الثاني فإنّه يشار به إلى تلك الماهيّة بوصف كونه متميّزة ومتشخّصة عن غيرها.
وأمّا القسم الأخير وهو لام العهد فلا إشكال في كونها للتعريف ، وهي في مثال الإنسان إمّا أن تكون إشارة إلى الإنسان المذكور في الكلام ، أو الإنسان المعهود في الذهن ، أو الإنسان الحاضر ، وهكذا القسم الثاني أي لام الاستغراق فهي أيضاً للتعريف ، ويدلّ على أقصى مراتب الجمع كما مرّ بيانه في الجمع المحلّى باللام في باب العام والخاصّ لأنّه هو المتعيّن خارجاً بخلاف سائر المراتب كما بيّناه سابقاً.