ثمّ ليعلم أنّه قد يكون المولى في مقام البيان من جهة ولا يكون في مقام البيان من جهة اخرى ، كما إذا سئل السائل مثلاً عن الإمام عليهالسلام بـ « أنّ لي أربعين شاة هل فيها زكاة؟ » فأجاب : « في أربعين شاة زكاة » فإنّه عليهالسلام في هذا البيان إنّما يكون في مقام بيان أصل النصاب فقط وليس في مقام بيان مقدار الزّكاة كما لا يخفى ، فلا يمكن الأخذ بإطلاقه من هذه الجهة ، ومن هنا يظهر أنّ الإطلاق والتقييد أمران إضافيان.
هو عدم البيان في زمان التخاطب لا عدم البيان إلى الأبد
فإذا كتب المولى مثلاً في رسالة إلى العبد : « اشتر لي قرآناً وأرسله إليّ » وأطلقها ولم يبيّن خصوصيّة للقرآن ، فلا ينتظر العبد إرسال رسالة اخرى يبيّن فيها دخالة قيد خاصّ أو عدمها ، بل يأخذ بإطلاقها ، وكذلك إذا صدرت منه هذه الجملة في مجلس من دون أن يبيّن في ذلك المجلس وذلك المقام ـ وهو مقام التخاطب ـ قيداً خاصّاً.
إن قلت : لو ظفرنا بعد ذلك بالقيد كما إذا صدر المطلق من جانب الرسول صلىاللهعليهوآله ( مثلاً ) والقيد من أحد الأئمّة عليهمالسلام فهل يستكشف منه عدم كونه صلىاللهعليهوآله ، في مقام البيان وإنّا قد أخطأنا ، أو نلتزم بأنّه صلىاللهعليهوآله أخّر البيان عن وقت الحاجة ، أو لا هذا ولا ذاك بل نقول إنّما كان في مقام بيان الحكم الظاهري ، وبيّن الإمام عليهالسلام القيد بعنوان الحكم الواقعي والتصرّف في الإرادة الجدّية فقط؟
قلنا : الصحيح هو الوجه الثالث لما مرّ في مبحث العام والخاصّ من أنّ مقتضى مصلحة تدريجية الأحكام كون العمومات من قبيل ضرب القانون ووضع القاعدة ، ليعمل بها حتّى يرد المخصّص.
قد تكون نتيجتها الشمول البدلي ، فمفادها حينئذٍ مفاد كلمة أي ، نحو « جئني برجل » فإنّ معناه « جئني بأي رجل » وقد تكون الشمول الاستغراقي نحو ( أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) وهو الغالب في الأحكام الوضعيّة نظير « الماء إذا بلغ قدر كرّ فلم ينجّسه شيء » و « الأرض يطهّر بعضها بعضاً ». وأمّا العموم المجموعي ، فالظاهر أنّه لا يمكن استفادته إلاّ إذا قامت قرينة على إرادة المجموع من حيث المجموع.