ثمّ إنّه ربّما يتوهّم أنّه قد يكون المستفاد من مقدّمات الحكمة الفرد بدلاً عن الشمول والسريان ، وهذا مثل ما مرّ في أبواب الأوامر من أنّ مقتضى إطلاق الأمر الوجوب النفسي التعييني العيني.
أقول : لكن الحقّ أنّ كلّ واحد منها مدلول التزامي للأمثلة المذكورة ، أي أنّ مقتضى مقدّمات الحكمة والمدلول المطابقي لها حقيقة في مثال « صلّ صلاة الظهر يوم الجمعة » مثلاً شمول الوجوب لحالتي إتيان صلاة الجمعة وعدمه ، ولازمه الوجوب التعييني كما يظهر بالتأمّل ، وهكذا بالنسبة إلى الوجوب النفسي والوجوب العيني ، ففي كلّ منهما يكون الإطلاق كسائر المقامات ، وإنّما تكون النفسية والعينية من لوازمه
لا أنّهما مدلولان مطابقيان للإطلاق.
وفيه ثلاث حالات : الاولى : أن يكون الدليلان مختلفين في النفي والإثبات ، نحو « اعتق رقبة » و « لا تعتق رقبة كافرة » فلا شكّ في لزوم التقييد فيها لأنّ المطلق ليس ظهوره في الإطلاق أقوى من ظهورالعام في العموم ، فكما أنّ العام يخصّص الدليل الخاصّ بلا إشكال ، كذلك المطلق يقيّد بالدليل المقيّد ، بل التقييد هنا أولى من التخصيص هناك لأنّ ظهور المطلق في الإطلاق مستفاد من مقدّمات الحكمة ، وأمّا الظهور في العام فهو مستفاد من الوضع ، ولا إشكال في أنّ رفع اليد عن الظهور الإطلاقي أخفّ وأسهل من رفع اليد عن الظهور الوضعي.
أضف إلى ذلك ما مرّ في العام والخاصّ من أنّ ورود الخاصّ بعد العام يعدّ نحو تناقض عند العرف بخلاف المقيّد ، فإنّ العرف لا يرى تناقضاً بين « اعتق رقبة » مثلاً و « لا تعتق الرقبة الكافرة » كما لا يخفى.
الثانية : أن يكونا مثبتين أو منفيين مع عدم إحراز وحدة الحكم فيهما فيكون الظاهر حينئذٍ التعدّد إمّا لأجل تعدّد الشرط مثلاً نحو « إن ظاهرت فاعتق رقبة » و « إن أفطرت فاعتق رقبة مؤمنة » أو لعدم المنافاة بين الحكمين نحو « أكرم العالم » و « أكرم العالم الهاشمي » ، وفي هذه الصورة أيضاً لا إشكال في عدم التقييد.
الثالثة : نفس الحالة الثانية مع إحراز وحدة الحكم نحو « إن ظاهرت فاعتق رقبة » و « إن