أمّا الوجه الأوّل : فلأنّ القطع بخلاف الواقع وإن لم يحدث واقعاً بسببه حسن أو قبح ولا وجوب أو حرمة كانت للفعل بعنوانه الأوّلي ولكن يحدث بسببه الحسن أو القبح الذي هو للفعل بعنوانه الثانوي ، وهو عنوان الإنقياد أو التجرّي الطارىء له ، وقد ذكر المحقّق الخراساني رحمهالله في ما مرّ من كلامه أنّه معنون بعنوان الهتك للمولى والخروج عن رسم عبوديته وهذا العنوان كافٍ في حرمته.
وأمّا الوجه الثاني : فلأنّ العنوان المحرّم في المقام وهو عنوان الجرأة على المولى والخروج عن رسم العبوديّة عنوان أعمّ يتحقّق في ضمن فردين : المعصية والتجرّي ، والمتجرّي حيث إن مقصوده هو هذا العنوان الأعمّ فهو على أيّ حال يقصد العنوان المحرّم وإن لم يتحقّق ضمن مصداق المعصية ، نظير من كان قصده شرب الخمر الزبيبي وإنكشف أنّه كان خمراً عنبياً.
أمّا الآيات والرّوايات التي استدلّ بها على حرمة التجرّي.
أمّا الآيات فهي كثيرة :
١ ـ قوله تعالى : ( لَايُؤَاخِذُكُمْ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ) (١).
٢ ـ قوله تعالى : ( وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ ) (٢).
٣ ـ قوله تعالى : ( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً ) (٣).
ووجه الاستدلال بالأخيرة أنّ القلب مسؤول عمّا نوى.
٤ ـ قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ) (٤).
__________________
(١) سورة البقرة : الآية ٢٢٥.
(٢) سورة البقرة : الآية ٢٨٤.
(٣) سورة الإسراء : الآية ٣٦.
(٤) سورة النور : الآية ١٩.