ثانياً : الحقّ في المسألة مع سيّدنا الاستاذ المحقّق البروجردي رحمهالله من أنّه ليس للنزاع هذا معنى محصّلاً كما مرّ بيانه ، ونزديك وضوحاً : أنّه وقع الخلط في ما نحن فيه بين الوجوب السببي والوجوب المسبّبي ، أي بين الإنشاء والمنشأ ، وما يتصوّر فيه التشخّص والسنخيّة إنّما هو الإنشاء والسبب لا المنشأ والمسبّب ، وبعبارة اخرى : وقع الخلط هنا بين الإنشاء والمنشأ ، فإنّ الإنشاء قد وقع في زمان خاصّ وبألفاظ مخصوصة ، فيتصوّر فيه الشخص ، وأمّا تشخّص المنشأ وهو الوجوب إنّما يكون بتشخّص موضوعاته مثل الحجّ والصّلاة والصّيام لا غير ، فلا يتصوّر هنا معنى لنوع الحكم بل الذي بأيدينا دائماً هو شخص الحكم المتعلّق بموضوعات خاصّة.
وإن قيل : « وجوب إكرام زيد على تقدير مجيئه يغاير وجوب إكرامه على تقدير عدم المجيء بحسب التشخّص مع اتّحادهما موضوعاً ومحمولاً ولا نعني بالسنخ إلاّذلك ، والمعلّق على الشرط ليس هو الإنشاء ولا المنشأ بقيد تعليقه على الشرط حتّى يقال بانتفائه بانتفاء الشرط عقلاً ولا يكون معه مجال للبحث عن المفهوم ، بل المعلّق على الشرط هو ذات المنشأ وهو وجوب إكرام زيد ، وهذا المعنى كما يمكن أن يتحقّق على تقدير تحقّق الشرط يمكن أن يتحقّق على تقدير عدمه بأن يوجد بإنشاء آخر ، ففائدة المفهوم نفي تحقّقه على تقدير عدم الشرط بإنشاء آخر » (١).
قلنا : هذا أيضاً خلط بين الجهات التعليليّة والتقييديّة ، فوجوب الحجّ معلول للاستطاعة لا مقيّد بها.
كما في قوله : « إذا خفى الأذان فقصّر » و « إذا خفيت الجدران فقصّر » فعلى القول بمفهوم الجملة الشرطيّة لابدّ من التصرّف فيهما بأحد وجوه ستّة :
الوجه الأوّل : التصرّف في منطوق كلّ منهما وعطف أحد الشرطين على الآخر بالواو ،
__________________
(١) هامش نهاية الاصول : ص ٢٧٣.