جواب شبهة ابن قبّة التي هي من المشكلات في مبحث الأحكام الظاهريّة.
إذا علمنا بوجوب شيء أو حرمته أو استحبابه مثلاً فهل يجب الالتزام القلبي بذلك الوجوب أو الحرمة أو الاستحباب أو لا؟ وبعبارة اخرى : الواجب في الأحكام الفرعيّة شيئان أو شيء واحد؟
وفيه أبحاث ثلاثة :
الأوّل : في المراد من الالتزام القلبي والمعنى المقصود منه.
الثاني : في وجوبه في الأحكام الفرعيّة وعدمه بعد إمكان تصوّره في مرحلة الثبوت.
الثالث : في ثمرة البحث ، فيقع الكلام في ثلاث مقامات :
أمّا المقام الأوّل : فحلّ المشكل فيه يتوقّف على إثبات جواز انفكاك الاعتقاد عن العلم وأنّه هل يكون العلم عين الاعتقاد أو لا؟ فذهب جمع إلى عدم إمكان التكفيك بينهما.
قال في تهذيب الاصول : « إنّ التسليم القلبي والانقياد الجناني والاعتقاد الجزمي لأمر من الامور لا تحصل بالإرادة والاختيار ، من دون حصول مقدّماتها ومبادئها ، ولو فرضنا حصول عللها وأسبابها ، يمتنع تخلّف الالتزام والانقياد القلبي عند حصول مبادئها ، ويمتنع الاعتقاد بأضدادها فتخلّفها عن المبادىء ممتنع كما أنّ حصولها بدونها أيضاً ممتنع ... إلى أن قال : فمن قام عنده البرهان الواضح بوجود المبدأ المتعال ووحدته لا يمكن له عقد القلب عن صميمه بعدم وجوده وعدم وحدته ، ومن قام عنده البرهان الرياضي على أنّ زوايا المثلّث مساوية لقائمتيه ، يمتنع مع وجود هذه المبادىء ، عقد القلب على عدم التساوي ، فكما لا يمكن الالتزام على ضدّ أمر تكويني مقطوع به فكذلك لا يمكن عقد القلب على ضدّ أمر تشريعي ثبت بالدليل القطعي. نعم لا مانع من إنكاره ظاهراً وجحده لساناً لا جناناً واعتقاداً ، وإليه يشير قوله عزّوجلّ : ( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً ). وما يقال من أنّ الكفر الجحودي يرجع إلى الالتزام القلبي على خلاف اليقين الحاصل في نفسه فاسد جدّاً. هذا هو الحقّ القراح في هذا المطلب من غير فرق بين الاصول الاعتقاديّة ... إلى أن قال : فلو قام الحجّة