فنقول : إذا خفي الأذان والجدران معاً فقصّر ، فلا يكون القصر واجباً بخفاء أحدهما.
الوجه الثاني : التصرّف في المنطوقين بتقييد إطلاق كلّ منهما بالآخر فيكون العطف بأو وتكون علّة الحكم كلّ من الشرطين مستقلاً ، ونتيجته كفاية أحد الشرطين في وجوب القصر.
الوجه الثالث : أن يخصّص مفهوم كلّ منهما بمنطوق الآخر فتكون النتيجة في المثال : إذا لم يخف الأذان فلا تقصّر إلاّ إذا خفيت الجدران ، وهكذا في الطرف الآخر ، أي إذا لم تخف الجدران فلا تقصّر إلاّ إذا خفي الأذان ، وهي نفس النتيجة في الوجه الثاني ، أي كفاية أحد الشرطين في ترتّب الحكم كما لا يخفى.
الوجه الرابع : أن يكون الشرط هو القدر الجامع بين الشرطين نظراً إلى القاعدة المعروفة ، وهي قاعدة « الواحد لا يصدر إلاّمن الواحد » والقدر الجامع بين الشرطين في المثال هو مقدار مسافة يكشف عنها كلّ واحد من خفاء الأذان وخفاء الجدران ، ويكون كلّ منهما علامة لها ، والنتيجة في هذا الوجه أيضاً نفس النتيجة في الوجه الثاني.
الوجه الخامس : رفع اليد عن المفهوم فيهما رأساً ، فلا دلالة لهما على عدم علّية ما سوى الشرطين أصلاً ، وهذا بخلافهما على الوجوه السابقة فيدلاّن فيها على نفي علّية أمر ثالث لكون المفهوم في كلّ من الشرطين في تلك الوجوه محفوظاً بالنسبة إلى ما سوى منطوق الآخر ، وإن لم يبق محفوظاً بالنسبة إلى منطوق الآخر ، والنتيجة في هذا الوجه أيضاً علّية كلّ واحد من الشرطين للجزاء مستقلاً.
الوجه السادس : رفع اليد عن المفهوم في أحدهما رأساً والنتيجة كفاية أحدهما أيضاً كما لا يخفى.
إذا عرفت هذا فنقول : لا إشكال في فساد ثلاثة من هذه الوجوه الستّة :
أحدها : هو الوجه السادس لأنّه يستلزم الترجيح بلا مرجّح ، إلاّ أن يكون أحدهما في مفهومه أظهر من الآخر فيقدّم الأظهر على الظاهر كما صرّح به المحقّق الخراساني رحمهالله حيث قال : « وأمّا رفع اليد عن المفهوم في خصوص أحد الشرطين وبقاء الآخر على مفهومه فلا وجه لأن يصار إليه إلاّبدليل آخر إلاّ أن يكون ما أبقى على المفهوم أظهر ».
هذا ـ مضافاً إلى أنّ الإشكال لا يرتفع برفع اليد عن مفهوم أحدهما لأنّ التعارض والتنافي يبقى بين منطوقه ومفهوم الآخر ، إلاّ أن يقال بسقوط كلّ من المفهوم والمنطوق وهو كما ترى.